تواجه الممثلات في هوليود معضلة فريدة من نوعها مع التقدم في العمر، حيث يتقلص نطاق الأدوار المتاحة لهن بشكل ملحوظ. هذا التحدي، الذي يشار إليه أحياناً بـ “تاريخ الصلاحية” في صناعة السينما، يثير تساؤلات حول التمييز على أساس العمر والتمثيل غير المتكافئ بين الجنسين. بينما يحظى الممثلون الذكور بتقدير متزايد مع مرور الوقت، غالباً ما تجد الممثلات أنفسهن مهمشات أو مقيدات في أدوار نمطية.
وتشير التقارير والدراسات إلى أن هذا التحيز ليس مجرد مسألة تصورات، بل هو واقع ملموس يتجلى في سيناريوهات الأفلام، وفرص العمل، وطريقة تعامل الصناعة مع النجوم. هذا الوضع يدفع العديد من الممثلات إلى إعادة تقييم مسيرتهن المهنية والبحث عن طرق جديدة للتعبير عن موهبتهن والحفاظ على مكانتهن في عالم السينما.
تحديات “تاريخ الصلاحية” في هوليود
وجدت دراسة أجريت في جامعة كورنيل بنيويورك أن الدور المحوري للمرأة على الشاشة ينخفض بشكل حاد مع التقدم في السن، وهو ما يمثل تحيزًا واضحًا قائمًا على العمر في اختيار الممثلين. لطالما اعتبرت هوليود الممثلات بمثابة “سلعة” ذات قيمة متناقصة مع مرور الوقت، مما يدفعهن إلى مواجهة ضغوط هائلة للحفاظ على مظهرهن الشبابي، أو قبول أدوار ثانوية.
ومع ذلك، تخوض العديد من الممثلات اليوم معركة لاستعادة مسيرتهن المهنية وفق شروطهن، متحديات الصورة النمطية التقليدية. وتتحدث الممثلات علنًا عن التحديات التي واجهنهن، وتسليط الضوء على الحاجة إلى تغيير جذري في طريقة تفكير الصناعة.
وفي مقابلة عام 2025، تذكرت كيت بلانشيت أنه عندما دخلت هوليود، كان يسود افتراض غير معلن بأن صلاحية الممثلات لا تتجاوز 5 سنوات في أدوار البطولة. وأكدت أن هذا الافتراض كان له تأثير كبير على مسيرتها المهنية، وعلى مسيرة العديد من زميلاتها.
تحول الأدوار وتحدي الصور النمطية
تُظهر الإحصائيات أن الممثلات فوق سن الأربعين يمثلن نسبة ضئيلة من الأدوار الرئيسية في الأفلام والإعلانات. وغالباً ما يتم تقديمهن في أدوار الأمهات، أو الزوجات، أو الشخصيات الداعمة، بدلاً من أدوار البطلات القويات والمستقلات.
ومع ذلك، ترفض العديد من الممثلات هذا التوصيف، ويطالبن بتمثيل أفضل وأكثر واقعية. بدأت بعضهن في إنتاج أفلامهن الخاصة، أو المشاركة في مشاريع مستقلة تمنحهن المزيد من الحرية الإبداعية. هذا التحول يعكس رغبة الممثلات في التحكم بمصيرهن المهني، وتقديم قصص متنوعة وملهمة للجمهور.
أمثلة على تحدي “تاريخ الصلاحية”
تعد مونيكا بيلوتشي مثالًا بارزًا على الممثلة التي تحدت معايير الجمال التقليدية في هوليود. في سن الـ50، تم اختيارها لأداء دور فتاة بوند، كاسرة بذلك القاعدة القائلة بأن هذا الدور محجوز للنساء الأصغر سنًا. وتعتبر بيلوتشي أن التقدم في العمر هو تجربة إيجابية، وأن المرأة الجميلة يمكن أن تكون في أي سن.
كذلك، ساندرا بولوك وجوليا روبرتس من بين الممثلات اللاتي اخترن أدوارًا أكثر تحديًا وجرأة، بعيدًا عن الأدوار الرومانسية التقليدية. وقد أثبتن أنهن قادرات على تقديم أداء متميز في أدوار مختلفة، وإلهام الجيل الجديد من الممثلات.
الآفاق المستقبلية والخطوات التالية
لا تزال هوليود تواجه تحديات كبيرة في ما يتعلق بالتمثيل العادل للمرأة، والتغلب على التمييز على أساس العمر. ومع ذلك، هناك إشارات إيجابية تدل على أن الأمور تتغير ببطء. زيادة الوعي بهذه القضايا، ودعم الممثلات اللاتي يطالبن بالتغيير، يمكن أن يساعد في خلق صناعة سينمائية أكثر تنوعًا وإنصافًا.
من المتوقع أن يشهد العام 2026 المزيد من النقاشات حول هذه القضايا، وأن يتم تقديم مقترحات جديدة لتحسين تمثيل المرأة في هوليود. كما يُنتظر أن نشهد المزيد من الممثلات اللاتي يتحدين الصور النمطية، ويقدمن أدوارًا ملهمة وقوية للجمهور. من الضروري متابعة هذه التطورات، وتقييم مدى تأثيرها على صناعة السينما.













