يميل الكثيرون إلى الجلوس على الأرض بوضعية التربيع، وهي وضعية مريحة وشائعة في العديد من الثقافات، لكن أطباء العظام يحذرون من أنها قد لا تكون صحية تمامًا للجميع، خاصةً لمن يعانون من آلام الظهر أو مشاكل في العمود الفقري. فهم طبيعة هذه المخاطر وكيفية تجنبها أمر ضروري للحفاظ على صحة جيدة، خاصة مع تزايد الوقت الذي نقضيه في الجلوس.
تُعد وضعية الجلوس التربيعي، رغم شعبيتها، محطة خلاف بين الخبراء. ففي حين أنها قد تساعد في تحسين مرونة مفصل الورك وتمديد أربطة الفخذ، إلا أنها قد تفرض ضغطًا غير مرغوب فيه على الفقرات، مما يزيد من خطر تفاقم المشاكل القائمة لدى الأشخاص الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة أو حالات مثل الانزلاق الغضروفي.
اقرأ أيضا
list of 2 items
end of list
عادة ما يختار الناس هذه الوضعية خلال الأنشطة غير الرسمية مثل النزهات أو اللعب مع الأطفال، معتقدين أنها توفر راحة أكبر. لكن هذه الراحة قد تأتي على حساب صحة الظهر على المدى الطويل.
يشير الدكتور مارتن رينيو، وهو أخصائي في جراحة العظام، إلى أن اعتماد هذه الوضعية بشكل عرضي وباعتدال لا يشكل بالضرورة خطرًا، بل قد يكون له بعض الفوائد. ومع ذلك، يُحذر من الإفراط في استخدامها، مؤكدًا على أهمية التنويع في وضعيات الجلوس لتجنب الإجهاد المتكرر على مناطق معينة من الجسم.
تمدد عضلات الورك والفخذ
يتيح الدوران الخارجي لمفصل الورك المرتبط بالجلوس بوضعية التربيع تمديدًا للأربطة المحيطة بالمفصل، وهو ما قد يساهم في الحفاظ على الغضاريف صحية. ومع ذلك، غالبًا ما يصاحب هذه الوضعية انحناء في الظهر وتدلي للأكتاف، مما يزيد من الضغط على العمود الفقري ويثير المخاوف بشأن صحة الظهر.
يزداد هذا التحذير أهمية خاصة لدى المصابين بالانزلاق الفقاري، وهي حالة تتميز بانزلاق إحدى الفقرات من موقعها الطبيعي. يمكن أن يؤدي الجلوس بوضعية التربيع إلى تفاقم الألم والوخز والتنميل المرتبطين بهذا الاضطراب.
بالنسبة للأشخاص الذين لا يعانون من مشاكل في الظهر، ينصح رينيو بمراقبة وضعية الجلوس أثناء التربيع. إذا شعرت بأنك بدأت في الانحناء، حاول تصحيح وضعيتك والجلوس باستقامة قدر الإمكان. من المهم أن تكون واعيًا بوضع جسمك وأن تتخذ خطوات لتجنب الإجهاد.
يؤكد الدكتور رينيو على أهمية تغيير وضعية الجلوس بشكل متكرر، كل 10 إلى 15 دقيقة. التنويع بين الجلوس المعتدل والانحناء الطفيف للأمام أو للخلف، بالإضافة إلى نقل الوزن من جانب إلى آخر، يساعد على تقليل الإجهاد وتوزيع الضغط بشكل متساوٍ. وفي حالة الشعور بأي ألم، يجب الانتقال فورًا إلى وضعية مختلفة.
مشابهة ولكن مختلفة: وضعية اللوتس
تُعتبر وضعية اللوتس، وهي وضعية الجلوس التقليدية المستخدمة في اليوغا والتأمل، أكثر تحديًا من الجلوس بوضعية التربيع. حيث تتطلب هذه الوضعية وضع القدمين على الفخذين المتقابلتين، مما يتطلب مرونة عالية في الوركين.
تتميز وضعية اللوتس بأنها أقل إجهادًا للظهر مقارنة بالجلوس بوضعية التربيع. فهي تساعد على إمالة الحوض إلى الأمام، مما يساهم في الحفاظ على استقامة العمود الفقري. ومع ذلك، فإنها تفرض ضغطًا كبيرًا على المفاصل، وخاصة الركبتين، وقد تكون غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الغضروف الهلالي أو التهاب المفاصل.
لا يُنصح بالبقاء في وضعية اللوتس لفترات طويلة دون إعداد وتدريب مسبق. يجب على من يرغب في الجلوس بهذه الوضعية أثناء جلسات التأمل الطويلة أن يبدأوا بتمارين تدريجية لزيادة مرونة الوركين وتحسين قدرتهم على تحمل هذه الوضعية.
من بين هذه التمارين، تبرز “وضعية الفراشة”، حيث يتم جمع باطني القدمين مع توجيه الركبتين نحو الخارج. ثم يتم الإمساك بالقدمين وسحبهما بلطف نحو الجسم، مع تحريك الركبتين صعودًا وهبوطًا لمحاكاة حركة جناحي الفراشة. يساعد هذا التمرين على تمديد أربطة الورك وتحسين الدورة الدموية.
في الختام، بينما يمكن أن تكون وضعية الجلوس التربيعي مريحة لبعض الوقت، يجب على الأفراد، وخاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل في الظهر، أن يكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة. سيستمر البحث في الآثار الصحية المختلفة لوضعيات الجلوس المختلفة، ومن المتوقع أن تصدر توصيات أكثر تفصيلاً بحلول نهاية عام 2026. في الوقت الحالي، يُفضل تبني وضعيات جلوس متنوعة والقيام بتمارين الإطالة بانتظام للحفاظ على صحة جيدة.













