قالت مجلة “لوبوان” الفرنسية إن سقوط النظام السوري كشف عن وجود مصانع ومستودعات لإنتاج مادة الكبتاغون في معاقل النظام القديم، مما يدل على مدى تهريب هذا المخدر بانتظام من عائلة الأسد، وتساءلت هل سيتم بناء السلطة السورية الجديدة من دون استعادة تراث دولة المخدرات هذه؟
وأوضحت المجلة -في تقرير بقلم كليمان مشكور- أن سقوط دكتاتورية الأسد كشف عن نقاط ضعف دولة المخدرات الحقيقية، حيث يعتمد اقتصادها المتضرر من العقوبات الدولية منذ عام 2011، على التصنيع والتصدير الصناعي، وخاصة إلى دول الخليج، لهذا المخدر الاصطناعي الذي يأخذ شكل أقراص صغيرة صفراء أو بيضاء.
وذكر الكاتب أن الاسم العلمي لهذا المخدر هو فينيتيلين، وهو يحفز التركيز والأداء البدني، ولكنه يسبب اضطرابات شديدة في القلب والأوعية الدموية وأخرى نفسية وهلوسة شديدة، مشيرا إلى أن سعر بيع حبة الكبتاغون يتراوح بين 3 و7 دولارات في سوريا والعراق وليبيا، وقد يصل إلى 25 دولارا في السعودية.
صناعة وتصدير الكبتاغون
وقد أبرز تقرير صادر عن معهد الأبحاث الأميركي “نيولاينز إنستيتوت” عام 2022 أن إنتاج الكبتاغون انتقل من العمليات “الأصغر والتجزئة” في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة إلى “العمليات الصناعية” في المناطق الموالية للأسد، بعد أن كان بشار الأسد يتهم الجماعات المتمردة بأنها المنتجة والمستهلكة لهذه المادة حتى قيل عنها “المخدرات الجهادية”، ولكن الواقع يشير إلى أن نظام بشار الأسد هو الذي أنتج جزءا كبيرا منها.
ومنذ سقوط الرئيس المخلوع الذي فر إلى موسكو، تضاعفت مقاطع الفيديو التي تظهر اكتشاف الكبتاغون، وتم حرق مئات الحبوب المعبأة في باحة قاعدة المزة الجوية، وعثر في مستودعات ضخمة في دوما على أثاث وأجهزة كهربائية وفواكه معدة لإخفاء المخدرات داخلها، وأوضحت المجلة أن أماكن الإنتاج والتخزين تعود بشكل مباشر أو غير مباشر إلى عشيرة الأسد.
وأشارت المجلة إلى “وجود أدلة على أن مسؤولي الفرقة الرابعة يستخدمون سلسلة من الموانئ الرسمية وغير الرسمية المملوكة للدولة في منطقتي اللاذقية وطرطوس لشحن الكبتاغون، وقد أفاد شهود أن أفراد الفرقة الرابعة استخدموا قوارب سريعة لتفريغ البضائع على سفن أكبر، وجاء في تقرير معهد نيو لاينز أن وحدة النخبة تحت قيادة ماهر الأسد الأخ الأصغر للرئيس، لعبت دورا مركزيا في هذه التجارة غير القانونية والمربحة.
مليارات الدولارات
وبحسب التقرير نفسه، ارتفعت القيمة التقديرية لبيع الكبتاغون من 3.46 مليارات دولار عام 2020 إلى 5.7 مليارات دولار عام 2021، وقد ضبطت الشرطة الإيطالية في ميناء ساليرنو عام 2020، 84 مليون حبة كبتاغون مخبأة في التروس الصناعية والأسطوانات الورقية من ميناء اللاذقية في سوريا.
وخلصت الصحيفة إلى أن المواقف الأولى والفيديوهات تظهر رغبة الحكام الجدد في تدمير هذه الصناعة وكل إنتاج الكبتاغون، ويقول الصحافي نسيم نصر المتخصص في شؤون الحركات الجهادية “عندما يقولها أحمد الشرع (أوقفوا تهريب الكبتاغون) أعتقد أنه يقول ذلك لأنه يؤمن به ولأن ذلك أحد الأشياء التي سيتفاوض بشأنها مع دول المنطقة”.