كشفت دراسة حديثة أن الأطفال المصابين بسرطان العظام يعانون من أعراض قد يتم تجاهلها أو الخلط بينها وبين إصابات أو عدوى عادية، مما يؤدي إلى تأخير التشخيص وتقليل فرص النجاة.
وحذّر خبراء في المملكة المتحدة من خطورة تجاهل بعض العلامات المبكرة التي قد تشير إلى الإصابة بأحد أكثر أنواع السرطان شراسة لدى الأطفال والشباب، وهو سرطان العظام، مؤكدين أن الوعي بهذه الأعراض لا يزال منخفضا بشكل خطير، رغم أن التشخيص المبكر هو المفتاح الرئيسي لزيادة فرص النجاة.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة نوتنغهام البريطانية، ونُشرت نتائجها في مجلة “أرشيف أمراض الطفولة” (Archives of Disease in Childhood) في 5 فبراير/شباط الجاري، وكتبت عنها صحيفة ديلي ميل البريطانية.
وأشار الخبراء إلى أن هناك نحو 150 حالة جديدة يتم تشخيصها سنويا لدى الأطفال في المملكة المتحدة، لكن معدلات النجاة على المدى البعيد لم تتحسن منذ أكثر من 15 عاما، حيث يتمكن أقل من 7 من كل 10 مرضى من العيش لأكثر من خمس سنوات بعد التشخيص.
وتُظهر الدراسات أن ثلاثة أرباع حالات سرطان العظام في المملكة المتحدة يتم تشخيصها بشكل خاطئ في البداية، حيث يزور المرضى الأطباء في المتوسط 8 مرات قبل أن يتم تحويلهم لطبيب أخصائي، مما يؤخر بدء العلاج.
ما سرطان العظام؟
سرطان العظام هو نوع نادر من السرطان ينشأ في الخلايا العظمية، ويُعد أكثر شيوعًا بين الأطفال والمراهقين، حيث ينشأ غالبا في نهايات العظام الطويلة مثل الساقين والذراعين، لا سيما حول مفصلي الركبة والكتف، مع إمكانية ظهور الورم في أجزاء أخرى من الهيكل العظمي.
ووفقا لمنظمة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، فإنّ من أبرز أنواع سرطان العظام:
- الساركوما العظمية (Osteosarcoma): يمكن أن يُصاب به الأشخاص في أي مرحلة عمرية، لكنه الأكثر شيوعا بين المراهقين (10-19 عامًا). وينمو في أي جزء من الهيكل العظمي، لكن المواقع الأكثر شيوعًا تشمل عظم الفخذ والساق العلوية والذراع العلوية.
- ساركوما إيوينغ (Ewing’s Sarcoma): أكثر شيوعا بين الأطفال (0-14 عاما) والمراهقين. وعادة ما ينشأ في عظام الورك والفخذ والكتف والأضلاع.
ورغم أنه من بين أكثر 10 أنواع سرطانية شيوعا بين الأطفال، فإن مستوى الوعي بأعراضه لا يزال منخفضا، مما يؤدي إلى تشخيص متأخر يقلل من فرص النجاة.
أعراض سرطان العظام التي يتم تجاهلها
حلّل الباحثون في جامعة نوتنغهام البريطانية الأعراض التي عانى منها أكثر من 1400 مريض تحت سن 18 عاما، منهم 492 مصابا بالساركوما العظمية و932 مصابا بساركوما إيوينغ، وكشفت النتائج أن المرضى يعانون من 36 عرضا مختلفا، قد يتم الخلط بينها وأعراض حالات صحية شائعة أقل خطورة، مثل الإصابات والعدوى.
وكانت أعراض سرطان العظام الأكثر شيوعا:
- الألم (64%).
- التورم (22%).
- الحمى (3%).
- الألم والتورم معًا (3%).
- كتلة محسوسة تحت الجلد (2%).
- كسور غير مبررة (2%) حيث يكون الورم قد أضعف العظام بشكل كبير، وهو العلامة التي تدفع الأطباء لإجراء الفحوص اللازمة التي تكشف عن سرطان العظام.
كما شملت الأعراض الأخرى:
- عدم القدرة على أداء الأنشطة اليومية بشكل طبيعي.
- العرج وصعوبة المشي.
- زيادة حجم المنطقة المصابة نتيجة تراكم السوائل في الجسم.
كما أظهرت النتائج أن مرضى ساركوما إيوينغ أكثر عرضة للحمى وظهور الكتل وضعف الأطراف، في حين أن مرضى الساركوما العظمية يعانون من الكسور غير المبررة والألم الشديد وفقدان الوزن. وأوضحت الأبحاث أن معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات لدى مرضى الساركوما العظمية هو 50%، في حين أن المعدل لمرضى ساركوما إيوينغ نحو 67%.
ومعدل البقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بالسرطان -أو إحصائيات البقاء على قيد الحياة- يحدد بنسبة من نجوا من نوع معين من السرطان فترة زمنية محددة. وغالبا ما تستخدم إحصائيات السرطان معدل البقاء على قيد الحياة الإجمالي لمدة 5 سنوات.
عادة ما يتم تقديم معدلات البقاء على قيد الحياة في النسب المئوية. على سبيل المثال، يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة الإجمالي لمدة 5 سنوات لسرطان المثانة 77%. وهذا يعني أنه من بين جميع الأشخاص المصابين بسرطان المثانة، يعيش 77 من كل 100 شخص بعد 5 سنوات من التشخيص. على العكس من ذلك، فإن 23 من كل 100 شخص يموتون خلال 5 سنوات من تشخيص سرطان المثانة.
وشدّد الأطباء على أهمية رفع مستوى الوعي بأعراض سرطان العظام بين الأطباء والمرضى على حد سواء، مؤكدين أنّ رصد الأعراض مبكرا يمكن أن يغير مسار العلاج بشكل كبير، ويقلل من فرص الانتكاس بعد العلاج، وهي الخطوة الأولى للحد من المعاناة وإنقاذ حياة الأطفال والشباب الذين يواجهون هذا السرطان العدواني.
التشخيص والعلاج.. سباق مع الزمن
نظرا لتشابه أعراض سرطان العظام مع أمراض أخرى، يتطلب التشخيص إجراء فحوص متخصصة مثل:
- الأشعة السينية للكشف عن وجود تغيرات غير طبيعية في العظام.
- التصوير بالرنين المغناطيسي لمعرفة مدى انتشار الورم.
- الخزعة لتحليل العينة المأخوذة من العظم المصاب والتأكد من وجود الخلايا السرطانية.
أما العلاج، فيعتمد على مرحلة المرض وموقع الورم، ويشمل:
- العلاج الكيميائي: الذي يُستخدم لتقليص حجم الورم قبل الجراحة أو لقتل الخلايا السرطانية المتبقية بعد الاستئصال.
- الجراحة: لإزالة الورم المصاب، وفي بعض الحالات يتم استبدال العظم المصاب بعظم صناعي.
- العلاج الإشعاعي: يستخدم مع إيوينغ ساركوما لتدمير الخلايا السرطانية المتبقية.
- البتر: قد يكون ضروريًا إذا انتشر السرطان إلى الأنسجة المجاورة، مما يجعل استئصال الورم صعبًا دون التأثير على الأعصاب أو الأوعية الدموية.