نُشر في: 17/12/2025
|
آخر تحديث: 08:31 (توقيت مكة)
تُعد الأمراض الالتهابية في الأمعاء (IBD) مجموعة من الحالات الصحية المزمنة التي تؤثر على الجهاز الهضمي، وتشمل التهاب القولون التقرحي وداء كرون. تشارك العوامل الوراثية والبيئية والمناعية دورًا في تطور هذه الأمراض، وفقًا لمايوكلينيك. ينصب التركيز التقليدي للعلاج على تقليل الالتهاب، ولكن أبحاثًا جديدة تشير إلى أن العوامل النفسية، وخاصةً المشاعر، قد تلعب دورًا هامًا في كيفية تجربة المرضى للأعراض وتفاقمها. هذا المقال يستكشف العلاقة بين العواطف والتهاب الأمعاء، وتأثير ذلك على العلاجات المتاحة.
يعاني مرضى التهاب الأمعاء غالبًا من أعراض مستمرة مثل آلام البطن والإسهال والتعب، حتى خلال فترات الهدوء الظاهر للمرض. وتلفت الدكتورة هانا أولمان، من مركز علم النفس الطبي وعلم الأعصاب الانتقالي في جامعة روهر بوخوم في ألمانيا، إلى أن هذه الأعراض المستمرة تشير إلى وجود آليات أخرى بخلاف الالتهاب الحاد تساهم في استمرار الألم. وهي ترى أن المعالجة العاطفية للألم قد تتغير لدى هؤلاء المرضى.
ما هو دور العواطف في التهاب الأمعاء؟
يُعد الخوف استجابة عاطفية قوية مرتبطة بالألم. عند الشعور بألم في البطن، يميل الجسم إلى تفسير ذلك كإشارة محتملة إلى تلف الأنسجة أو وجود مشكلة في الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى حالة من التأهب والخوف. نتيجة لذلك، قد يبدأ الأفراد في ربط مواقف أو عوامل معينة بآلام البطن، وبالتالي تجنبها.
ومع ذلك، تشير الدراسات التي أجريت على حالات الألم المزمن الأخرى، مثل متلازمة القولون العصبي، إلى أن الأفراد المصابين بهذه الحالات يميلون إلى تطوير خوف أقوى مرتبطًا بالألم مقارنة بالأشخاص الأصحاء. وتقول أولمان: “هذا الخوف المتزايد، جنبًا إلى جنب مع سلوك التجنب، قد يؤدي إلى إدراك الألم على أنه تهديد أكبر، مما قد يطيل أمد المعاناة.”
نتائج دراسة حديثة حول الخوف والألم
للتحقق مما إذا كان هذا ينطبق أيضًا على مرضى التهاب الأمعاء، أجرى باحثون دراسة تجريبية شملت 43 مشاركًا، منهم 21 مصابًا بالتهاب القولون التقرحي و 22 شخصًا سليمًا. استخدمت الدراسة رموزًا بصرية مرتبطة بآلام البطن لتحديد كيفية تعلم المشاركين للخوف من الألم.
خلال الدراسة، عُرضت رموز مختلفة على المشاركين، وربط أحدهم بشكل متكرر بتحفيز مؤلم في أسفل البطن. وفي اليوم التالي، تعرض المشاركون للتحفيز المؤلم بشكل غير متوقع، لتقييم استجاباتهم العاطفية والجسدية. بينت النتائج أن مرضى التهاب الأمعاء أبلغوا عن شعور بالألم أكثر إزعاجًا وشدة عند التعرض للتحفيز المؤلم غير المتوقع.
الارتباط بين تعلم الخوف وإدراك الألم
أظهرت التحليلات أن زيادة الخوف المرتبط بالألم المكتسب في اليوم الأول من الدراسة كانت مرتبطة بإدراك الألم بشكل أكثر إزعاجًا في اليوم الثاني، ولكن فقط في مجموعة المرضى. تشير النتائج إلى أن عملية تعلم الخوف تلعب دورًا حاسمًا في كيفية تجربة مرضى التهاب الأمعاء للألم، وليست مجرد قوة الخوف نفسها.
يوضح أولمان: “من المثير للاهتمام أن مرضى التهاب الأمعاء لم يكتسبوا خوفًا أكبر من الألم في البداية مقارنة بالأشخاص الأصحاء، بل كان الاختلاف في كيفية ارتباط هذا الخوف بإدراك الألم.” هذا يشير إلى أن النوبات الالتهابية المتكررة قد تغير طريقة معالجة الدماغ للألم على المستوى العاطفي.
الآثار المترتبة على العلاج
حتى الآن، ركز علاج التهاب الأمعاء على السيطرة على الالتهاب في الجهاز الهضمي. ومع ذلك، فإن هذه النتائج الجديدة تؤكد أهمية الاعتراف بدور العوامل النفسية، مثل التوتر والخوف، في تجربة الألم لدى المرضى. وقد يعني ذلك أن العلاجات التي تستهدف الجانب العاطفي للألم، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، قد تكون مفيدة بشكل خاص للمرضى الذين يعانون من آلام مزمنة في البطن.
يستهدف العلاج السلوكي المعرفي تحديد وتغيير أنماط التفكير والسلوك السلبية التي تساهم في الألم. وقد يساعد المرضى على تعلم كيفية التعامل مع الخوف والقلق المرتبطين بالألم، وتطوير استراتيجيات للتكيف مع الأعراض.
في الختام، تشير الأبحاث المتزايدة إلى أن العواطف تلعب دورًا هامًا في التهاب الأمعاء، وأن معالجة الجانب النفسي للألم قد تكون جزءًا لا يتجزأ من خطة العلاج الشاملة. الدراسات المستقبلية ستعمل على تقييم فعالية الأساليب النفسية – مثل العلاج السلوكي المعرفي – في حالات الألم المرتبط بالتهاب الأمعاء بهدف إيجاد حلول أكثر فعالية، ونتوقع رؤية توصيات علاجية أكثر تكاملاً بحلول نهاية عام 2026.













