انتقد خبراء إعلام وإعلاميون، دخول من لا صلة لهم بالمهنة إلى هذا الحقل، وقالوا لـ «عكاظ»: إن الإعلام الحقيقي والرصين أضحى في حيرة من أمره نتيجة اختراق البعض للمهنة دون مواهب وقدرات. ووصفوا هؤلاء بأنهم «إعلانيون وإعلانيات»، لا تربطهم أدنى صلة بالمهنة. وأشار المتحدثون إلى بعض من يستخدمون صفة إعلامي لتغطية المناسبات وتضخيمها وكيل المدح والثناء لأصحابها مقابل المال، وطالبوا الجهات المعنية بالتدخل ووضع ضوابط تمنع انتحال صفة إعلامي وإعلامية.
تصوير مناسبات وإعلانات
رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد الدكتور علي زهير، يرى أن أفضل مسمى على من يطلقون على أنفسهم «إعلاميين أو إعلاميّات»، دون انتسابهم لقنوات الإعلام الرسمية المتمثلة في المرئية والمسموعة والمقروءة، «متسلقو الإعلام»، وهم أشخاص ليس لديهم معرفة بأصول العمل الإعلامي، ولم يتعلموا قوانين وأخلاقيات الإعلام، وليست لديهم خلفيات عن المجتمع ومطالباته ورغباته، فمحتويات هؤلاء الدخلاء مجرد تمثيل، وتصوير في سناب المناسبات أو أشخاص يعملون من أجل حصد الثناء أو كيل المدح والظهور على أكتاف الغير، وهدفهم الربح المادي من الإعلانات، يطلقون على أنفسهم لقب «إعلامي أو إعلامية»، والمهنة بريئة منهم، وللأسف الشديد نشاهد ذلك كثيراً، وأتمنى من الجهات المختصة أن تنظر في هذه التجاوزات.
عبور لحضور المناسبات
الإعلامي وكاتب الرأي علي العكاسي يقول: جميعنا نؤمن بالتحديث والتطوير والمتغيرات في كامل الأجهزة والمنظومات، والاتجاه الإعلامي جزء مهم في التحديث والتطوير الذي لا نختلف عليه، ولأنه كذلك فإنه كغيره من المؤسسات الرسمية لا يمكن أن يخضع للترف والتسلية أو يصبح مهنة مَن لا مهنة له على اعتبار أنه صوت ونافذة حقيقية تعكس حضارة الشعوب وتطورها في زمن الإعلام الرصين والمسؤول كانت المهنة الإعلامية مقننة ومنضبطة، ولن يجرؤ على تعاطي المهنة غير الموهوبين والمحترفين. وأضاف العكاسي: اليوم نشهد أوضاع لا تليق بنا ولن يقدّم لنا هؤلاء المادة الإعلامية الرصينة إذ ظل هذا المجال بوابة مفتوحة ومشرعة لكل من هب ودب، وأفضى ذلك إلى المزيد من الانهيار في مصداقيته ومهنيته.
ويضيف العكاسي: لقد وصل ببعض المتلبسين بهذه المهنة إلى جعله عبوراً لحضور المناسبات وطريقاً للمدح ومهنة جديدة في فنون التسول وبناء العلاقات الخاصة، فالإعلام الحقيقي جاد في غربلة المتنافسين على المهنة، وسيفرّق بين الإعلامي الموهوب وغيره.
هم في وادٍ
والمهنة في وادٍ
ويرى مدير الإذاعة في عسير سعيد مشهور، أن الإعلام مهنة سامية لها ضوابط فطرية وعلمية لا يجيدها إلا من تنطبق عليه الشروط التي تؤهله ليكون إعلامياً بمعنى الكلمة، ونلاحظ في الآونة الأخيرة ومع برامج التواصل الاجتماعي كثيراً من الجنسين يطلقون على أنفسهم «إعلاميين وإعلاميات»، وللأسف الإعلام في وادٍ وهم في وادٍ آخر. وأضاف: يلتقطون صوراً ومقاطع فيديو، أو يعلقون بركاكة واضحة على مشهد أو مشاهد معينة، ثم يظنون أنفسهم «إعلاميين أو إعلاميات»، ويمتهنون المفردتين. هؤلاء إعلانيون وإعلانيات يبحثون عن بطاقات، ودعوات حضور، وعوائد مادية وأتمنى من الجهات ذات العلاقة، التركيز على وضع ضوابط معينة وواضحة وصريحة لكل من يريد الانضمام لمهنة الإعلامي حتى يبقى ويظل الإعلام راقياً وذا رسالة سامية.
تمجيد وثناء وسطحية
الإعلامي حسن القبيسي، قال: إن صحافة المناسبات أو ما يطلق عليها البعض «صحافة المتمشية»، تُعد أحد أشكال التغطية الإعلامية التي تركز على المناسبات والاحتفالات، وابتعادها كلياً عن المهنية والموضوعية، فهي تميل إلى التمجيد والمدح والثناء، متجاهلة بنسبة كبيرة جوهر الحدث أو القضايا الجوهرية المرتبطة به، وغالباً ما تكون التغطيات غير متكاملة، إذ تقتصر على سرد ما قيل وفُعل دون تحليل أو تحقيق صحفي عميق. وقد تسهم صحافة المناسبات في تعزيز صور النخبة والمسؤولين على حساب المواطن العادي، وتفتقر إلى التوازن في الطرح، وهذا النوع من الصحافة، إن لم يُضبط بضوابط مهنية، سيُضعف دور الإعلام الحقيقي ويحوّله إلى وسيلة علاقات عامة.
أخبار ذات صلة