وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومبعوثون أمريكيون إلى برلين يوم الأحد لمواصلة مفاوضات السلام في أوكرانيا، وسط تباين في المواقف وتصاعد الضغوط من مختلف الأطراف. تأتي هذه الجولة الجديدة من المحادثات بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى إيجاد حل للصراع المستمر، مع تركيز خاص على الضمانات الأمنية المستقبلية لأوكرانيا ومستقبل المناطق المتنازع عليها.
شوهد المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستيف ويتكوف، بالإضافة إلى صهر ترامب جاريد كوشنر، وهما يدخلان فندقًا في وسط برلين بعد ظهر الأحد. وتأتي زيارتهما في إطار مساعي الإدارة الأمريكية الحثيثة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، مع إدراكها للتحديات الكبيرة التي تواجه هذه الجهود.
تطورات في موقف أوكرانيا بشأن الناتو وخطط السلام
أبدى الرئيس زيلينسكي مرونة جديدة في موقفه تجاه عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مؤكدًا أنه لم يعد يصر على الانضمام الفوري في إطار أي اتفاق سلام. جاء هذا التصريح قبل المحادثات الجديدة، وأشار إلى أن هذه الرغبة لا تحظى بدعم عالمي كامل.
بدلاً من ذلك، أوضح زيلينسكي أنه يبحث عن ضمانات أمنية بديلة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة الناتو التي تنص على الدفاع الجماعي. وأكد على أهمية هذه الضمانات لضمان أمن أوكرانيا واستقرارها في المستقبل.
وقال للصحفيين: “نحن نتحدث عن ضمانات أمنية ثنائية بين أوكرانيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ضمانات أمنية من شركائنا الأوروبيين ودول أخرى مثل كندا واليابان”. هذا التحول في الموقف يعكس رغبة أوكرانيا في إيجاد حلول عملية وقابلة للتطبيق، مع الأخذ في الاعتبار الواقع السياسي والعسكري الحالي.
اللقاءات المتوقعة والمقترحات الأمريكية
من المقرر أن يستقبل المستشار الألماني فريدريش ميرتس الرئيس زيلينسكي يوم الاثنين، على أن تنضم إليه لاحقًا رؤساء دول وحكومات أوروبية وقادة من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. تأتي هذه الاجتماعات في وقت حرج، حيث تسعى الأطراف المعنية إلى استكشاف جميع الخيارات المتاحة لإنهاء الصراع.
أفاد زيلينسكي بأنه سيعقد لقاءً منفصلاً مع المستشار ميرتس، وربما مع قادة أوروبيين آخرين. لكنه أشار إلى أنه لم يتلق بعد ردًا رسميًا من الولايات المتحدة على المقترحات الأوكرانية الأخيرة بشأن خطة السلام. هذا التأخير يثير بعض القلق، حيث يأمل الجانب الأوكراني في الحصول على دعم أمريكي واضح ومحدد.
الموقف الروسي الثابت والضغوط المتزايدة
في المقابل، تظل روسيا حازمة في مطالبها، حيث يصر الرئيس فلاديمير بوتين على سحب القوات الأوكرانية من منطقة دونيتسك والاعتراف بالسيطرة الروسية عليها، بالإضافة إلى التخلي عن أي مساعي للانضمام إلى الناتو. تعتبر هذه الشروط أساسية بالنسبة لموسكو لتحقيق السلام.
صرح يوري أوشاكوف، مستشار بوتين للسياسة الخارجية، بأن وحدات الشرطة والحرس الوطني الروسي ستبقى في أجزاء من منطقة دونباس حتى في حالة إعلانها منطقة منزوعة السلاح. وهذا الموقف من المرجح أن يواجه رفضًا من قبل أوكرانيا، مما يزيد من تعقيد عملية التفاوض.
وحذر أوشاكوف من أن التوصل إلى حل وسط قد يستغرق وقتًا طويلاً، مشيرًا إلى أن المقترحات الأمريكية التي أخذت المطالب الروسية في الاعتبار قد “تفاقمت” بسبب التعديلات التي أدخلتها أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون. وأكد أن موسكو ستثير “اعتراضات قوية للغاية” على هذه التعديلات.
في سياق منفصل، أشار المستشار الألماني ميرتس إلى أن “عقود السلام الأمريكي” قد انتهت إلى حد كبير بالنسبة لأوروبا، وأن القارة الأوروبية بحاجة إلى تحمل المزيد من المسؤولية عن أمنها. وحذر من أن هدف بوتين هو “تغيير جذري للحدود في أوروبا واستعادة الاتحاد السوفيتي القديم”.
من المتوقع أن تستمر المفاوضات في برلين خلال الأيام القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول توفيقية بشأن القضايا الرئيسية العالقة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى تحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء الحرب. سيكون من المهم مراقبة ردود الفعل على هذه المحادثات من جميع الأطراف المعنية، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة على الأرض.













