أثار استخدام كاميرات التسجيل داخل السيارات، المعروفة باسم الداش كام، جدلاً واسعاً حول الحدود القانونية لاستخدامها وتأثيرها على خصوصية الأفراد. أوضح المحامي محمد عماد الخضراء، في مداخلة عبر إذاعة “العربية إف إم”، أن هذه الكاميرات تعتبر أداة مهمة لتوثيق الأحداث والحماية القانونية لقائدي المركبات، ولكن يجب استخدامها ضمن إطار قانوني يراعي حقوق الآخرين.
تزايد الإقبال على تركيب الداش كام في السيارات خلال السنوات الأخيرة، مدفوعاً برغبة السائقين في توثيق الحوادث المرورية والتجاوزات التي قد يتعرضون لها. ومع ذلك، يثير نشر مقاطع الفيديو المسجلة عبر هذه الكاميرات تساؤلات حول مدى قانونية ذلك واحترام خصوصية الأفراد الآخرين الذين قد يظهرون في هذه المقاطع.
الحدود القانونية لاستخدام الداش كام في السعودية
وفقاً للمحامي الخضراء، فإن الغرض الأساسي من تركيب الداش كام هو توثيق الأحداث وليس نشرها. يُسمح باستخدام التسجيلات كدليل في الإجراءات القانونية أو لتقديم بلاغ رسمي عن حادث أو مخالفة. لكن، النشر العشوائي لهذه التسجيلات قد يشكل انتهاكاً للخصوصية.
نشر التسجيلات وأثرها على الخصوصية
أشار المحامي إلى أن نشر التسجيلات بهدف التوعية، دون المساس بحريات الآخرين أو ممتلكاتهم، لا يعتبر مخالفاً. ومع ذلك، فإن نشر هذه التسجيلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يعرض أفراداً أو منازل لا يرغب أصحابها في إظهارها، مما يشكل مخالفة صريحة لنظام جرائم المعلوماتية.
يُعرّف نظام جرائم المعلوماتية في السعودية انتهاك الخصوصية بأنه الحصول على معلومات شخصية أو بيانات الآخرين دون موافقتهم أو نشرها دون وجه حق. ويعاقب مرتكبي هذه المخالفة بالسجن والغرامة المالية.
حقوق المتضرر من التصوير
أكد المحامي الخضراء أن أي شخص يظهر في تسجيلات الداش كام دون موافقته يحق له تقديم بلاغ إلى النيابة العامة. ستقوم النيابة العامة بالتحقيق في الأمر واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مرتكب المخالفة.
بالإضافة إلى ذلك، يحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة نشر التسجيلات، سواء كانت هذه الأضرار مادية أو معنوية.
دور الجهات المختصة والمسؤولية القانونية
أوضح المحامي أن الدولة قد خصصت الأجهزة المعنية بالمرور لإعطاء المخالفات المرورية، وبالتالي لا يحق لأي شخص آخر، بما في ذلك سائقي المركبات المزودة بـالداش كام، التشهير بالآخرين أو نشر معلومات عنهم بهدف جلب المشاهدات.
هذا التشهير قد يقع ضمن نطاق الجرائم الإلكترونية ويعرض مرتكبه للمساءلة القانونية.
تعتبر كاميرات المراقبة (كاميرات المراقبة المرورية) وسيلة قانونية لجمع الأدلة، ولكن يجب أن يتم استخدامها وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها، مع احترام حقوق الأفراد في الخصوصية.
تتزايد أهمية الوعي القانوني حول استخدام التقنيات الحديثة مثل الداش كام، خاصة مع انتشارها الواسع.
التحديات القانونية والحلول المقترحة
تواجه السلطات تحدياً في موازنة حق الفرد في حماية خصوصيته مع حق المجتمع في الأمن والسلامة.
من بين الحلول المقترحة، وضع ضوابط واضحة لتحديد الحالات التي يُسمح فيها بنشر تسجيلات الداش كام، وتحديد المسؤولية القانونية للمستخدمين.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تطوير تطبيقات وبرامج تسمح بتشفير التسجيلات وحماية البيانات الشخصية.
من المتوقع أن تقوم وزارة الداخلية السعودية بتوضيح المزيد من التفاصيل حول استخدام الداش كام في القريب العاجل، ربما من خلال إصدار تعميم أو توجيهات جديدة.
يجب على السائقين والمستخدمين بشكل عام الالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها، واحترام حقوق الآخرين في الخصوصية، لتجنب الوقوع في المساءلة القانونية.
يبقى التحدي قائماً في إيجاد توازن بين الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وحماية الحقوق الأساسية للأفراد.













