كشف محللون عن تعقيدات كبيرة تعيق الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، على الرغم من الجهود الدولية المتواصلة. وتتأثر هذه المرحلة باستمرار الخروقات الميدانية، والخلافات حول آليات الاستقرار والحوكمة المستقبلية للقطاع، مما يضع عملية السلام برمتها على المحك. يواجه المجتمع الدولي تحديات جمة في سبيل تحقيق الاستقرار الدائم في غزة، وهو الهدف الرئيسي للمحادثات الجارية.
وفي ظل استمرار الاشتباكات المتقطعة والقيود المفروضة على إدخال المساعدات، يبدو تنفيذ المرحلة الثانية أكثر صعوبة من المتوقع. تشمل العقبات الرئيسية، وفقًا لتقارير إخبارية متعددة، مسألة نزع سلاح الفصائل، وتشكيل قوة استقرار دولية مقبولة من جميع الأطراف، وتحديد صلاحيات حكومة تكنوقراط مستقبلية. تتركز المخاوف حول ضمان عدم تحول قوة الاستقرار إلى قوة احتلال، وهو سيناريو ترفضه الفصائل الفلسطينية.
تحديات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
أشار محللون سياسيون إلى أن غياب وقف إطلاق نار حقيقي وشامل يمثل أكبر عقبة أمام أي تقدم. فالخروقات المستمرة من قبل إسرائيل، بما في ذلك الغارات الجوية والقيود على حركة المدنيين، تقوض الثقة وتزيد من احتمالية التصعيد. وتؤكد هذه الخروقات على ضرورة وجود آلية مراقبة دولية فعالة لضمان الالتزام بالاتفاق.
وأضافوا أن الطرف الإسرائيلي يصر على شروط مسبقة، مثل نزع سلاح حركة حماس، وهو ما يرفضه الفلسطينيون بشدة. وتعتبر حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، نزع السلاح بمثابة تنازل عن حقها في المقاومة. وبالتالي، فإن إيجاد حل وسط مقبول من الطرفين يعتبر أمرًا بالغ الأهمية.
الخلافات حول قوة الاستقرار الدولية
تتركز الخلافات أيضًا حول تشكيل قوة الاستقرار الدولية المزمع نشرها في غزة. تعترض إسرائيل على مشاركة تركيا في هذه القوة، وتفضل أن تكون القوة غير منخرطة في أي مهام تتعلق بنزع السلاح. بينما ترى تركيا، وهي من أشد المؤيدين للقضية الفلسطينية، أن مشاركتها ضرورية لضمان الحيادية والفعالية. تتطلب هذه المسألة مشاورات مكثفة بين واشنطن، والوسطاء الإقليميين، والأطراف المعنية.
تأثير الوضع الإنساني على المفاوضات
ويسلط الوضع الإنساني المتردي في غزة الضوء على الحاجة الماسة إلى تخفيف القيود والسماح بإدخال المساعدات بشكل كامل. ويؤكد خبراء الإغاثة على أن الأطفال في القطاع يعانون من سوء التغذية والأمراض بسبب نقص الغذاء والدواء. إن استمرار هذا الوضع لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة وتقويض أي جهود لتحقيق السلام. الأولوية القصوى يجب أن تكون توفير الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين.
من جهته، انتقد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، معتبرا ذلك بمثابة تقويض لجهود السلام. وأشار إلى أن هذا السلوك يتناقض مع أي حديث جاد عن تشكيل حكومة تكنوقراط أو تحقيق الاستقرار في القطاع.
الآفاق المستقبلية وإعادة الإعمار
يبدو أن تشكيل لجنة تكنوقراط مؤقتة لإدارة شؤون غزة هو حل وسط مطروح، ولكن يبقى تحديد صلاحياتها ومدة عملها من القضايا العالقة. وتتفق الأطراف الفلسطينية، بدعم من مصر وقطر، على ضرورة أن تكون هذه اللجنة مدعومة من جميع الفصائل، وأن تعمل على إعداد انتخابات حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن. يمثل هذا مسارًا نحو تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية وتقوية السلطة الفلسطينية.
بالنسبة لإعادة الإعمار، هناك حاجة ماسة لبناء البنية التحتية المدمرة وتوفير السكن والمرافق الأساسية للسكان. وتقدر التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار بمليارات الدولارات، وهو ما يتطلب دعمًا دوليًا كبيرًا. يتوقف تنفيذ مشاريع الإعمار على ضمان عدم تكرار العنف وتوفير بيئة آمنة ومستقرة.
في الختام، تظل آفاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة غير واضحة، وتعتمد على مدى استعداد الأطراف للتوصل إلى حلول وسط والتنازل عن بعض المطالب. الخطوة التالية الحاسمة هي استمرار المشاورات الدبلوماسية بين واشنطن، والوسطاء الإقليميين، والأطراف الإسرائيلية والفلسطينية، بهدف بلورة اتفاق تفصيلي وملزم. يجب على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط من أجل تحقيق الاستقرار الدائم في غزة، وتخفيف المعاناة عن سكانها.













