أكدت الدكتورة سارة القحطاني، الاختصاصية النفسية، على أهمية اتباع أسلوب نفسي سليم عند إبلاغ المرضى ذوي الحالات الحرجة بأخبار طبية صعبة. جاء ذلك خلال مداخلة لها في برنامج “الراصد” على قناة الإخبارية، حيث ناقشت كيفية التعامل مع هذه المواقف الحساسة لتقليل الأثر النفسي السلبي على المريض. وتعتبر هذه النصائح ذات أهمية خاصة في ظل تزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية للمرضى.
ركزت الدكتورة القحطاني على ضرورة مراعاة الظروف المحيطة بالمريض قبل وأثناء إبلاغه بالخبر، مع التأكيد على أهمية الدعم النفسي المستمر. وشددت على أن الطريقة التي يتم بها تقديم المعلومات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قدرة المريض على التعامل معها وتقبلها. هذا الأمر يكتسب أهمية متزايدة مع تعقيد الأنظمة الصحية وتنوع احتياجات المرضى.
التعامل النفسي مع الأخبار المؤلمة: نصائح مهمة
تعتبر عملية إبلاغ المرضى بالأخبار الصعبة من أصعب المهام التي تواجه الطواقم الطبية. فالمرضى في هذه الحالات يكونون في حالة ضعف وحاجة ماسة للدعم والتوجيه. وفقًا للدكتورة القحطاني، يجب على الطبيب أو الأخصائي النفسي أن يضع في اعتباره عدة عوامل لضمان تقديم الخبر بأقل قدر ممكن من الضرر النفسي.
تحديد الوقت والمكان المناسبين
أولى هذه العوامل هي اختيار الوقت والمكان المناسبين. يجب تجنب إبلاغ المريض بالخبر في مكان عام أو مزدحم، والأفضل هو تخصيص غرفة خاصة وهادئة. كما يجب التأكد من وجود وقت كافٍ للتحدث مع المريض والإجابة على أسئلته دون تسرع.
وأضافت الدكتورة القحطاني أنه في حالة الإبلاغ عبر الهاتف، يجب التأكد من أن المريض في مكان آمن ولا يقوم بأي نشاط يتطلب تركيزًا، مثل قيادة السيارة. وإذا أمكن، فمن الأفضل ترتيب لقاء وجهًا لوجه لتقديم الدعم اللازم بشكل مباشر.
الوعي بوضع المريض والتعبير عن التعاطف
من الضروري أيضًا أن يكون الطبيب أو الأخصائي النفسي على دراية كاملة بوضع المريض الشخصي والاجتماعي والديني. فكل مريض يتفاعل مع الأخبار الصعبة بطريقة مختلفة، بناءً على خلفيته ومعتقداته. يجب التعبير عن التعاطف والتفهم لمشاعر المريض، وإعطائه مساحة كافية للتعبير عن حزنه وخوفه وقلقه.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطبيب أو الأخصائي النفسي أن يذكر المريض بجوانب الدعم الروحي والديني المتاحة له، مما قد يساعده على إيجاد القوة والصبر لمواجهة التحديات. هذا الجانب الروحي يمكن أن يكون له تأثير كبير على قدرة المريض على التكيف مع الوضع الجديد.
استخدام لغة واضحة ومباشرة
ينصح الخبراء باستخدام لغة واضحة ومباشرة عند إبلاغ المريض بالخبر، مع تجنب استخدام المصطلحات الطبية المعقدة التي قد يصعب عليه فهمها. يجب أن يكون الطبيب صريحًا بشأن التشخيص والتوقعات، ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون حريصًا على عدم إعطاء المريض معلومات أكثر مما يستطيع تحمله.
وفي المقابل، يجب أيضًا تجنب التقليل من شأن مشاعر المريض أو محاولة إقناعه بأن الأمور ليست سيئة كما تبدو. فالمرضى يحتاجون إلى أن يشعروا بأنهم مسموعون ومفهومون، وأن مشاعرهم مبررة ومقبولة.
أهمية المتابعة والدعم المستمر
لا تتوقف مهمة الدعم النفسي عند إبلاغ المريض بالخبر. بل يجب أن يستمر هذا الدعم لفترة طويلة بعد ذلك، لمساعدة المريض على التكيف مع الوضع الجديد والتعامل مع التحديات التي قد تواجهه. يمكن أن يشمل هذا الدعم تقديم المشورة النفسية، وتوفير مجموعات الدعم، وتوجيه المريض إلى الموارد المتاحة له.
تعتبر الصحة النفسية جزءًا لا يتجزأ من الصحة العامة، ويجب أن يتم التعامل معها بنفس القدر من الأهمية الذي يتم التعامل به مع الأمراض الجسدية. فالمرضى الذين يحصلون على الدعم النفسي المناسب يكونون أكثر قدرة على التعامل مع الأمراض الصعبة وتحسين نوعية حياتهم. التعامل النفسي مع المرضى يتطلب مهارات خاصة وتدريبًا مستمرًا.
تأتي هذه التوصيات في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية تطورات كبيرة في مجال الرعاية الصحية، مع التركيز المتزايد على أهمية الجودة الشاملة وتقديم الخدمات الصحية المتكاملة التي تشمل الجوانب النفسية والاجتماعية للمرضى. كما أن هناك جهودًا حثيثة لزيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية وتوفير الخدمات النفسية للمحتاجين.
من المتوقع أن تصدر وزارة الصحة قريبًا توجيهات تفصيلية للطواقم الطبية حول كيفية إبلاغ المرضى بالأخبار الصعبة، بناءً على أحدث الأبحاث والدراسات في مجال علم النفس. كما يجري العمل على تطوير برامج تدريبية للأخصائيين النفسيين والأطباء لتعزيز مهاراتهم في التعامل مع هذه المواقف الحساسة. وسيكون من المهم متابعة تنفيذ هذه التوجيهات والبرامج التدريبية، وتقييم أثرها على الصحة النفسية للمرضى.












