أكد الدكتور بدر شيره، الطبيب والباحث في مجال طب الفضاء، أن التجارب التي أجراها رواد الفضاء السعوديون خلال “رحلة 2023” تمثل دعماً قوياً من المملكة العربية السعودية للبحث العلمي، وتسهم بشكل فعال في تطوير المعرفة اللازمة لضمان سلامة الرحلات الفضائية المستقبلية. جاءت تصريحات الدكتور شيره خلال مشاركته في برنامج على قناة الإخبارية، حيث سلط الضوء على أهمية هذه التجارب ونتائجها المبتكرة.
وتناولت التجارب، التي أجريت في وقت سابق من هذا العام، جوانب متعددة من تأثير السفر إلى الفضاء على جسم الإنسان، مع التركيز بشكل خاص على الجهاز العصبي والعين. وقد أظهرت النتائج الأولية بيانات جديدة حول التغيرات الفسيولوجية التي تحدث في بيئة الجاذبية الصغرى، مما يفتح آفاقاً واسعة للبحث والتطوير في هذا المجال.
أهمية تجارب رواد الفضاء السعوديين في تطوير طب الفضاء
تعتبر مشاركة المملكة العربية السعودية في أبحاث الفضاء خطوة مهمة نحو تعزيز دورها في المجتمع العلمي الدولي. وتأتي هذه المشاركة في إطار رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل والاستثمار في التقنيات المتقدمة، بما في ذلك استكشاف الفضاء.
أشار الدكتور شيره إلى أن التجارب كشفت عن تأثيرات لم يسبق رصدها على الدماغ البشري أثناء وبعد السفر إلى الفضاء. وتشمل هذه التأثيرات تغيرات في بنية الدماغ ووظيفته، بالإضافة إلى تأثيرات على الذاكرة والتركيز.
تأثيرات السفر للفضاء على الدماغ والعين
ركزت التجارب بشكل خاص على دراسة التغيرات التي تحدث في العين نتيجة للتعرض لبيئة الفضاء. ووفقاً للدكتور شيره، فإن هذه التغيرات يمكن أن تؤثر على الرؤية وتزيد من خطر الإصابة بمشاكل في العين على المدى الطويل.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت التجارب في فهم أفضل لكيفية تفاعل الجهاز العصبي مع بيئة الفضاء، مما قد يساعد في تطوير تدابير وقائية وعلاجية لحماية رواد الفضاء من الأمراض العصبية. وتشمل هذه التدابير استخدام تقنيات التحفيز الدماغي، وتطوير أدوية جديدة، وتوفير برامج تدريبية متخصصة.
وذكر الدكتور شيره أن نتائج هذه التجارب ستشكل أساساً لإجراء دراسات مستقبلية أكثر تفصيلاً، وستساعد في تطوير بروتوكولات طبية جديدة لضمان سلامة رواد الفضاء. كما ستساهم في تحسين تصميم المركبات الفضائية والمعدات المستخدمة في الرحلات الفضائية، بهدف تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالسفر إلى الفضاء.
وتعد هذه التجارب جزءاً من جهود عالمية متزايدة لفهم تأثير السفر إلى الفضاء على جسم الإنسان. فقد أظهرت الدراسات السابقة أن السفر إلى الفضاء يمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك فقدان العظام والعضلات، وضعف جهاز المناعة، ومشاكل في القلب والأوعية الدموية.
ومع ذلك، فإن هذه الدراسات غالباً ما تكون محدودة النطاق، وتفتقر إلى البيانات التفصيلية حول تأثير السفر إلى الفضاء على الدماغ والجهاز العصبي. لذلك، فإن التجارب التي أجراها رواد الفضاء السعوديون تعتبر إضافة قيمة إلى المعرفة العلمية في هذا المجال.
وتشير التقارير إلى أن المملكة العربية السعودية تخطط لمزيد من المشاركات في أبحاث الفضاء في المستقبل القريب. وتشمل هذه الخطط إرسال المزيد من رواد الفضاء إلى الفضاء، وإجراء المزيد من التجارب العلمية، والتعاون مع المؤسسات العلمية الدولية في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى المملكة إلى تطوير قدراتها المحلية في مجال تكنولوجيا الفضاء، من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، وإنشاء مراكز أبحاث متخصصة، وتشجيع الشركات الخاصة على المشاركة في هذا المجال. وتعتبر هذه الجهود ضرورية لضمان استدامة برنامج الفضاء السعودي، وتحقيق أهدافه الطموحة.
وفي سياق متصل، يترقب المجتمع العلمي نتائج التحليل الكامل للتجارب التي أجراها رواد الفضاء السعوديون. ومن المتوقع أن يتم نشر هذه النتائج في المجلات العلمية المحكمة، وأن يتم عرضها في المؤتمرات الدولية المتخصصة.
ومن بين الأمور التي يجب مراقبتها في المستقبل القريب، هو مدى تأثير هذه النتائج على تطوير بروتوكولات طبية جديدة لرحلات الفضاء الطويلة الأمد، مثل الرحلات إلى المريخ. كما يجب مراقبة مدى التعاون بين المملكة العربية السعودية والمؤسسات العلمية الدولية في مجال أبحاث الفضاء.
من المرجح أن تستمر المملكة في الاستثمار في هذا المجال، وأن تلعب دوراً متزايد الأهمية في استكشاف الفضاء، وتطوير المعرفة العلمية اللازمة لضمان سلامة ورحلات الفضاء المستقبلية. وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من رؤية المملكة الطموحة لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للابتكار والتكنولوجيا.













