صادقت دول الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين، على حزمة قوانين جديدة تهدف إلى تشديد سياسة الهجرة، في خطوة تهدف إلى معالجة التدفقات المتزايدة للمهاجرين والضغط على الدول الأعضاء. وتأتي هذه الموافقة بعد نقاشات مطولة وجهود دبلوماسية مكثفة، بينما تواجه الحكومات الأوروبية ضغوطاً شعبوية متزايدة للحد من الهجرة غير القانونية. ويتوقع أن تخضع هذه الإجراءات لمراجعة نهائية من قبل البرلمان الأوروبي في الأسابيع القادمة.
وتشمل هذه الحزمة مقترحات لتسريع عمليات ترحيل المهاجرين الذين رُفضت طلبات لجوئهم، وإنشاء مراكز استقبال خارج الاتحاد الأوروبي، وفرض عقوبات على الدول التي ترفض استقبال حصص من طالبي اللجوء. تهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على إدارة حدودها الخارجية والتعامل مع قضايا الهجرة بشكل أكثر فعالية.
تشديد سياسة الهجرة: التفاصيل الرئيسية
تتمحور الإجراءات الجديدة حول ثلاثة محاور رئيسية، وفقاً للمفوضية الأوروبية. أولاً، إنشاء ما يسمى بـ “مراكز العودة” في دول خارج الاتحاد الأوروبي، حيث سيُحتجز المهاجرون الذين ليس لديهم الحق في البقاء في أوروبا قبل ترحيلهم. هذا الإجراء يهدف إلى تقليل عدد الطلبات الكاذبة للجوء وتسريع عملية الترحيل.
ثانياً، تمديد الفترة المسموح بها لاحتجاز المهاجرين الذين يرفضون التعاون في عملية ترحيلهم. تأمل الحكومات من خلال هذه الخطوة في زيادة فعالية عمليات الترحيل وتقليل عدد المهاجرين الذين يختفون في أنظمة اللجوء. وثالثاً، السماح للدول الأعضاء بإعادة المهاجرين إلى ‘دول آمنة’ حتى لو لم تكن دولهم الأصلية.
انتقادات من منظمات حقوق الإنسان
أثارت هذه المقترحات موجة من الانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان والجهات السياسية اليسارية، التي اعتبرتها انتهاكاً لحقوق اللاجئين والمهاجرين. وقالت منظمة “بيكوم” (PICUM) في بيان لها إن هذه الإجراءات تأتي على حساب الأمن القانوني والاندماج الاجتماعي للمهاجرين. وأضافت أن التركيز يجب أن يكون على توفير مسارات آمنة وقانونية للهجرة بدلاً من تشديد القيود.
وتُركز هذه الانتقادات بشكل خاص على فكرة إنشاء مراكز العودة خارج الاتحاد الأوروبي، حيث يثير القلق حول معايير المعاملة الإنسانية وظروف الاحتجاز في هذه المراكز. كما يرى النقاد أن إمكانية إعادة المهاجرين إلى دول ليست دولهم الأصلية يمكن أن يعرضهم لخطر الانتهاكات.
تباين في المواقف بين الدول الأعضاء
على الرغم من الموافقة العامة على حزمة الإجراءات، إلا أن هناك تبايناً في المواقف بين الدول الأعضاء. فقد أعربت فرنسا وإسبانيا عن تحفظاتهما بشأن بعض البنود، وخاصة تلك المتعلقة بإعادة المهاجرين إلى دول غير أصلهم. وقالت الحكومة الإسبانية إنها تشكك في جدوى إنشاء مراكز العودة، مشيرة إلى أن التجارب السابقة لم تحقق النتائج المرجوة.
في المقابل، كانت الدنمارك، التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي حالياً، هي الدافع الرئيسي وراء هذه المقترحات. وتدعو الدنمارك إلى تبني سياسات هجرة أكثر صرامة للحد من التدفقات غير القانونية وحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وتدعم دول أخرى من وسط وشرق أوروبا بشكل عام هذه المقترحات.
نظام توزيع طالبي اللجوء والجدل المستمر
وتزامناً مع هذه الإجراءات، يستمر الاتحاد الأوروبي في مناقشة نظام جديد لتوزيع طالبي اللجوء على الدول الأعضاء. يهدف هذا النظام إلى تخفيف الضغط على الدول الحدودية، مثل إيطاليا واليونان، من خلال إلزام الدول الأخرى باستقبال حصص من طالبي اللجوء. الهجرة غير الشرعية ما زالت تشكل تحدياً كبيراً.
وتقترح الآلية فرض غرامة مالية قدرها 20 ألف يورو على كل طالب لجوء ترفض دولة استقباله. هذا الإجراء يهدف إلى توفير حافز مالي للدول للمشاركة في عملية إعادة التوزيع. ومع ذلك، واجه هذا النظام مقاومة شديدة من بعض الدول الأعضاء، مما يعقّد عملية التوصل إلى اتفاق نهائي.
من المتوقع أن يواصل البرلمان الأوروبي مناقشة هذه الحزمة من الإجراءات في غضون الأسابيع القليلة القادمة. الوضع القانوني للمهاجرين هو محور النقاش الرئيسي. وستعتمد الموافقة النهائية على قدرة الدول الأعضاء والمفوضية الأوروبية على التوصل إلى حلول وسط بشأن النقاط الخلافية. اللاجئون والمهاجرون سيظلون في قلب هذه المناقشات. يبقى من غير الواضح ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتمكن من التوصل إلى توافق شامل ومستدام بشأن سياسة الهجرة، خاصة في ظل التغيرات السياسية المستمرة وصعود الأحزاب الشعبوية.













