أعلنت شركات صينية عاملة في قطاع النفط بالسودان عن رغبتها في إنهاء شراكاتها مع الحكومة السودانية، وذلك في ظل تدهور الأوضاع الأمنية المتصاعدة في مناطق إنتاج النفط. يأتي هذا القرار بعد اقتحام قوات الدعم السريع لحقل هجليج النفطي، مما أثار مخاوف بشأن استمرار عمليات التنقيب والإنتاج في البلاد. هذا التطور يمثل تحديًا كبيرًا لـقطاع النفط في السودان، الذي يعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الأجنبية.
وقد أبلغت الشركات الصينية، بما في ذلك شركة البترول الوطنية الصينية، الحكومة السودانية رسميًا بقرارها، مشيرةً إلى أن الوضع الأمني الحالي يشكل “قوة قاهرة” تعيق استمرار العمليات. ووفقًا لمصادر حكومية سودانية رفيعة المستوى، فإن الشركات تدرس العودة إلى الاستثمار في حال استقرار الأوضاع الأمنية في مناطق الإنتاج.
تدهور الأوضاع الأمنية وتأثيرها على قطاع النفط في السودان
يعود سبب انسحاب الشركات الصينية بشكل رئيسي إلى الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي امتدت لتشمل مناطق حقول النفط. واقتحام قوات الدعم السريع لحقل هجليج، الواقع في ولاية غرب كردفان، كان بمثابة نقطة تحول في هذا الصدد. وأكد مصدر عسكري في الجيش السوداني أن الانسحاب من هجليج كان مدروسًا لتجنب تدمير الحقول.
وتشير التقارير إلى أن الشركات الصينية تكبدت خسائر مالية كبيرة خلال فترة الحرب في السودان، مما دفعها إلى إعادة تقييم استثماراتها. بالإضافة إلى ذلك، فإن اتفاقيات الشراكة الحالية تقترب من نهايتها، حيث من المقرر أن تنتهي في عام 2027، مما قد يكون ساهم في تسريع قرار الانسحاب.
طلب اجتماع عاجل لبحث الإنهاء المبكر للاتفاقيات
أفادت مصادر إعلامية بأن شركة البترول الوطنية الصينية طلبت عقد اجتماع عاجل مع الحكومة السودانية خلال الشهر الحالي لمناقشة الإنهاء المبكر لاتفاقيتي “تقاسم الإنتاج” و”خط أنابيب النفط الخام” في حقل بليلة. وتبرر الشركة طلبها بظروف “القوة القاهرة” الناتجة عن التردي الأمني.
وتشمل الاتفاقيات المعنية اتفاقًا تم توقيعه في عام 1995 بين وزارة الطاقة والتعدين السودانية وشركة البترول الوطنية الصينية، يمنح الأخيرة حق استكشاف وتطوير وإنتاج وبيع النفط الخام من منطقة امتياز مربع 6 في بليلة. ويتم إدارة الحقل بواسطة شركة بترو إنيرجي، وهي شراكة بين “البترول الوطنية الصينية” وشركة سودابت.
تداعيات الانسحاب الصيني على الاقتصاد السوداني
يمثل انسحاب الشركات الصينية ضربة للاقتصاد السوداني، الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط. فقد شهد إنتاج النفط في السودان انخفاضًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة بسبب الصراعات الداخلية والقيود المفروضة على الصادرات. الآن، مع انسحاب المستثمرين الرئيسيين، قد يواجه السودان صعوبات أكبر في استئناف وتطوير هذا القطاع الحيوي.
وتشير التقديرات إلى أن الشركات الصينية تستثمر مليارات الدولارات في قطاع الطاقة في السودان، وتساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي. لذلك، فإن فقدان هذه الاستثمارات سيؤثر سلبًا على مختلف جوانب الاقتصاد السوداني.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الانسحاب الصيني قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان، وزيادة معدلات البطالة والفقر. كما أنه قد يعيق جهود الحكومة السودانية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وفي سياق متصل، أكدت وزارة الطاقة والتعدين السودانية أنها على تواصل مع الشركات الصينية لبحث سبل التوصل إلى حلول مرضية للطرفين. وأعربت الوزارة عن أملها في استئناف التعاون مع الشركات الصينية في المستقبل، بمجرد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المفاوضات بين الحكومة السودانية والشركات الصينية، بهدف تحديد آليات الانسحاب وتخفيف آثاره على الاقتصاد السوداني. كما يجب على الحكومة السودانية العمل على جذب استثمارات جديدة من دول أخرى لتعويض الخسائر الناجمة عن انسحاب الشركات الصينية. يبقى الوضع غير مؤكدًا، ويتوقف مستقبل قطاع النفط السوداني على التطورات الأمنية والسياسية في البلاد.
المصدر: الجزيرة + الألمانية + الصحافة السودانية













