قررت الهيئة الوطنية للإعلام في مصر إعادة عرض المسلسل التلفزيوني التاريخي “أم كلثوم” الذي أنتج عام 1999، وذلك عبر القناة الأولى للتلفزيون الرسمي. يأتي هذا القرار في خضم جدل واسع النطاق أثارته أحداث فيلم “الست” الذي يتناول سيرة حياة كوكب الشرق، مما جعل إعادة عرض المسلسل موضوع نقاش مكثف حول أفضل طريقة لتصوير أم كلثوم وإرثها الفني والثقافي.
أكد رئيس الهيئة، أحمد المسلماني، أن القرار يهدف إلى إحياء ذكرى رحيل سيدة الغناء العربي، مشيرًا إلى أنها تمثل رمزًا وطنيًا وعربيًا، وقمة في تاريخ الفن العربي. ووصف المسلسل بأنه عمل درامي متكامل يوثق مسيرة حياة أم كلثوم بدقة ووقار، مع التركيز على الجوانب الفنية والشخصية في حياتها.
“أم كلثوم” و”الست”: مقاربة فنية مختلفة
أثار عرض فيلم “الست” مؤخرًا نقاشًا حادًا بين النقاد والجمهور حول كيفية تقديم سيرة ذاتية لشخصية فنية وثقافية بحجم أم كلثوم. الفيلم، الذي تلعب بطولته منى زكي، قدم رؤية درامية تركز على الجوانب الإنسانية في حياة الفنانة، بينما يرى البعض أن المسلسل القديم يقدم صورة أكثر دقة وشمولية.
حقق فيلم “الست” إقبالًا جماهيريًا ملحوظًا، وأشاد به بعض النقاد لجرأته في تقديم قراءة جديدة لحياة أم كلثوم. ومع ذلك، انتقد آخرون الفيلم لتبنيه بعض المغالطات التاريخية، وتركيزه على جوانب معينة في حياة الفنانة على حساب جوانب أخرى.
ردود فعل متباينة على الأعمال الفنية
تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير مع إعادة عرض المسلسل وفيلم “الست”، حيث شهدت هذه المنصات موجة من التعليقات والمقارنات بين العملين. المؤيدون للمسلسل القديم أشادوا بأداء صابرين وقدرتها على تجسيد شخصية أم كلثوم، معتبرين أن المسلسل يمثل مرجعًا تاريخيًا هامًا.
في المقابل، دافع المؤيدون لفيلم “الست” عن العمل، مشيرين إلى أنه يقدم رؤية فنية معاصرة لحياة الفنانة، وأن منى زكي قدمت أداءً مقنعًا. كما أشادوا بجرأة الفيلم في طرح بعض القضايا الجدلية المتعلقة بحياة أم كلثوم.
آراء النقاد والفنانين حول تصوير السيرة الذاتية
لم يقتصر الجدل على الجمهور، بل امتد إلى أوساط النقاد والفنانين. عبر الفنان محمد صبحي والكاتب سعيد علي عن انتقادهما للفيلم، معتبرين أنه لا يرقى إلى مستوى شخصية أم كلثوم التاريخية. بينما دافع آخرون عن الفيلم باعتباره عملاً فنياً حراً يستحق التقدير.
كما أثارت تصريحات سابقة للكاتب أحمد مرار حول صعوبة العمل عن أم كلثوم جدلاً واسعاً، حيث اعتبرها البعض تقليلاً من شأن الفنانة الكبيرة. وقد اعتذر مرار لاحقًا عن هذه التصريحات.
تأتي إعادة عرض المسلسل في سياق تزايد الاهتمام بإحياء ذكرى الفنانين الكبار، وتقديم أعمال فنية تحترم إرثهم الثقافي. من المتوقع أن يشهد المسلسل إقبالاً كبيراً من الجمهور، خاصةً من محبي أم كلثوم وذاكريات الماضي.
في الختام، من المرجح أن يستمر الجدل حول أفضل طريقة لتصوير سيرة أم كلثوم، وأن تظهر أعمال فنية جديدة تحاول تقديم رؤى مختلفة لحياتها وإبداعاتها. وسيبقى تقييم هذه الأعمال خاضعًا لأحكام النقاد والجمهور، مع الأخذ في الاعتبار أهمية احترام الذاكرة الجماعية والإرث الثقافي لكوكب الشرق. من الجدير بالمتابعة ردود الأفعال الجماهيرية على المسلسل خلال فترة عرضه، ومدى تأثير ذلك على النقاش الدائر حول تصوير الشخصيات التاريخية في الأعمال الفنية.













