أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيقترح مشروع قانون “يضمن قوة نظام سيادة القانون”، وذلك ردا على الاحتجاجات التي عمت أنحاء البلاد بسبب قانون جديد يحد من صلاحيات سلطات مكافحة الفساد.
وقال زيلينسكي -في خطابه اليومي المصور- إن الانتقادات الموجهة للقانون، الذي أقره البرلمان الثلاثاء الماضي، لم تقع على “آذان صماء”.
وأضاف زيلينسكي -في إشارة إلى البرلمان الأوكراني ذي المجلس الواحد- “لقد حللنا جميع المخاوف، وكل ما يلزم تغييره وتعزيزه. سأقترح مشروع قانون على البرلمان الأوكراني سيكون بمنزلة الرد”.
ولم يقدم زيلينسكي مزيدا من التفاصيل عن مشروع القانون المخطط له.
ويأتي ذلك بعدما أجرى زيلينسكي محادثات -أمس الأربعاء- في مسعى لاحتواء الخلاف الذي أثاره القانون الجديد، الذي يحد من صلاحيات المكتب الوطني لمكافحة الفساد ومكتب المدعي العام المختص بمكافحة الفساد.
وقال زيلينسكي -في منشور على تطبيق تلغرام– إن ممثلي الأطراف المعنية قرروا، خلال اجتماع “منفتح وبنّاء”، وضع خطة عمل لمعالجة المشاكل العالقة.
ونشر زيلينسكي صورة له برفقة عدد من المشاركين في الاجتماع، من بينهم رئيس المكتب الوطني لمكافحة الفساد سيمين كريفونوس، ورئيس مكتب المدعي العام المختص بمكافحة الفساد أولكسندر كليمنكو.
وكان البرلمان في كييف قد صوت -أول أمس الثلاثاء- لصالح تقليص صلاحيات كلتا الهيئتين، بحيث تخضعان، وفقا للقانون، لسلطة مكتب النائب العام.
وكانت أجهزة الاستخبارات والشرطة قد نفذت عشرات المداهمات ضد موظفين في المكتب الوطني لمكافحة الفساد، ومكتب المدعي العام المختص بمكافحة الفساد خلال الأسبوع الماضي.
ومن بين الاتهامات الموجهة إليهم التعاون مع روسيا، التي شنت حربا شاملة على أوكرانيا منذ نحو 3 أعوام ونصف العام.
ومع ذلك، يشتبه في أن السبب الحقيقي وراء هذه المداهمات هو صراع على النفوذ بين الأجهزة الأمنية.
وبعد الاجتماع بفترة وجيزة، نشر المكتب الوطني لمكافحة الفساد -عبر قناته الرسمية على تطبيق تلغرام- دعوة لإلغاء القانون الذي يقيد صلاحياته. وجاء في البيان أن المكتب يعمل فقط بما يخدم مصالح الشعب الأوكراني.
مظاهرات وانتقادات
وقوبل القانون بانتقادات واسعة داخل البلاد وخارجها. وشهدت عدة مدن أوكرانية مساء أول أمس الثلاثاء مظاهرات احتجاجا على القانون، حيث تظاهر الآلاف في كييف ومدن أخرى.
وحضّ المشاركون في المسيرة -وغالبيتهم من الشبان- زيلينسكي على إلغاء القانون، في تظاهرة هي الأكبر في كييف منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022.
وجاء التحرك على الرغم من الحظر المفروض على تنظيم التجمعات الكبيرة بموجب قانون الأحكام العرفية الساري في أوكرانيا.
وأثار القانون انتقادات كذلك خارج أوكرانيا. وطالبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين زيلينسكي بتقديم توضيحات بشأنه.
وقال متحدث باسم المفوضية إن فون دير لاين “أعربت عن قلقها الشديد إزاء عواقب” هذا القانون.
وتقول الحكومة إن القانون سيُحسِّن أداء هيئات مكافحة الفساد، بينما يرى منتقدوه أنه يمنح زيلينسكي سلطات أوسع ويقوّض استقلالية هذه الهيئات، ويفتح الباب أمام تدخل الحكومة في قضايا فساد كبرى وحساسة.
وأشارت منظمة “مركز العمل من أجل مكافحة الفساد” غير الحكومية إلى أن القانون سيقوض قدرة هذه الهيئات على تحقيق أهدافها، مشيرة إلى أن “المدعي العام الذي يعينه زيلينسكي سيكون قادرا على وقف التحقيقات في قضايا تشمل أصدقاء الرئيس”.
وصنّفت منظمة الشفافية الدولية أوكرانيا في المرتبة 105 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، مقارنة بالمرتبة 144 في 2013.
وحذّر مؤيدو القانون من أن استمرار الأزمة السياسية حول هذا التشريع قد يصب في مصلحة روسيا عبر إضعاف وحدة البلاد.
وعلّق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف -خلال مؤتمر صحفي أمس الأربعاء- على إقرار القانون قائلا إن “الفساد منتشر بشكل واسع” في أوكرانيا.