كشفت صحيفة معاريف أن إسرائيل تواجه أزمة داخلية حادة بين القيادتين السياسية والعسكرية في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة منذ 667 يوما، وسط مؤشرات على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعمد تهميش دور رئيس الأركان إيال زامير ومنعه من عرض خطط الجيش للمرحلة المقبلة أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت).
ووفقا لما أورده المراسل العسكري للصحيفة آفي أشكنازي، فإن زامير يطلب منذ عدة أيام عقد جلسة للكابينت لعرض خطط مواصلة العمليات العسكرية، غير أن نتنياهو يرفض ذلك، مما يترك الجيش في حالة غموض إستراتيجي حيال مسار الحرب.
ويشير المراسل إلى أن هذا الوضع يعكس خلافا متصاعدا بين المؤسستين العسكرية والسياسية، في وقت بات فيه الجيش يعتبر أن مهام عملية “عربات جدعون” قد أُنجزت، وأن الكرة الآن في ملعب المستوى السياسي.
ونقل أشكنازي عن مسؤول أمني رفيع قوله “لا نعرف ما الذي يريده المستوى السياسي. سلّمنا صورة الوضع كاملة وأوضحنا أننا أنهينا مهامنا. الآن جاء دورهم للتحرك”.
الإعلام الإسرائيلي يركز على الخلاف المتصاعد بين رئيس الأركان إيال زمير والمستوى السياسي في حكومة نتنياهو بشأن الاستمرار في العملية العسكرية في #غزة، لإدراك الجيش أنه غير قادر على تحقيق أهداف الحرب#الأخبار #حرب_غزة pic.twitter.com/MUK7RyRfvK
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 3, 2025
دائرة ضيقة
وأضاف المسؤول الأمني أن المؤسسة الأمنية والعسكرية تعلم أن المستوى السياسي مستعد الآن لصفقة شاملة لتبادل الأسرى بدل إنجازها على مراحل، لكنها لا تعرف ما الذي يجري في المفاوضات.
وتابع “في الماضي كنا شركاء في التفاصيل، أما الآن فالأمر يدار بين شخصين فقط: نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، ونعرف المستجدات من الجانب الآخر عبر القنوات الاستخباراتية”.
وأكد المراسل العسكري لصحيفة معاريف أن أجواء قيادة الجيش تعكس إحباطا كبيرا من طريقة إدارة كبار المستوى السياسي للحرب، حيث نقل عن مصدر بارز قوله إنه لا يُسمح للقيادة العسكرية بعرض الخطة على الكابينت، وهي لا تعرف ما الذي يريده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ولا إلى أين يقودون استمرار العمليات.
وقال المصدر نفسه للصحيفة “الشيء الوحيد الواضح هو موقف 3 وزراء في الكابينت: وزير المالية والوزير في وزارة الحرب بتسلئيل سموتريتش، ووزيرة الاستيطان أوريت ستروك، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهم الذين يطالبون علنا باحتلال كل القطاع وإقامة مستوطنات إسرائيلية فيه. أما مواقف بقية الوزراء فهي غير واضحة بالنسبة لنا”.
وبحسب أشكنازي، فإن استمرار حصر إدارة الملفات الحساسة في دائرة ضيقة تضم نتنياهو وديرمر فقط، يفاقم أزمة الثقة بين الجيش والحكومة، وقد ينعكس سلبا على قدرة إسرائيل على إدارة الحرب أو تحقيق أهدافها المعلنة.
ويرى المراسل العسكري أن غياب الرؤية الواضحة يضع إسرائيل أمام مفترق طرق في ظل ضغط داخلي وخارجي متزايد للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى، وحالة استنزاف غير مسبوقة في صفوف الجيش.
إرهاق وحرب عصابات
وكشف المراسل العسكري لصحيفة معاريف آفي أشكنازي أن قيادة الجيش حذرت من أن استمرار القتال دون إستراتيجية واضحة يفاقم من إرهاق القوات، إذ إن بعض قادة السرايا لم يجروا تدريبات منذ إنهاء دورة الضباط، وفقدوا مهارات التخطيط والتدريب، فيما اقتصرت خبرة كثير من الوحدات الأمامية على القتال بغزة فقط منذ اندلاع الحرب.
كما كشف أشكنازي أن الجيش قرر مؤخرا أن أي فرقة نظامية لن تخوض أكثر من 3 أشهر متواصلة من القتال داخل قطاع غزة، يليها شهر راحة خارجه، بهدف الحد من الإنهاك النفسي والبدني.
ونقل عن مسؤول عسكري قوله “هؤلاء أفضل أبناء إسرائيل، رأس الحربة لدينا، وهم يُستنزفون”.
وأوضح المراسل العسكري أن الجيش أعد خطة جديدة لمواجهة حرب العصابات في غزة، ومن المقرر أن يعرضها قائد القيادة الجنوبية، اللواء يانيف عاشور، على رئيس الأركان.
وتعتمد الخطة على تمركز القوات في نقاط سيطرة إستراتيجية، أبرزها غلاف غزة ومحور فيلادلفيا، بهدف فرض حصار محكم على مدينة غزة ومراكز التجمع السكاني، وتكثيف الضربات الجوية، وإغلاق شبكات الأنفاق، إضافة إلى تنفيذ عمليات مداهمة واقتحام محدودة ضد تشكيلات حماس، مع نشر القوات بأسلوب يقلل تعرضها للهجمات المباشرة.
ويختم أشكنازي بالإشارة إلى أن مستقبل العمليات في غزة سيبقى رهين القرار السياسي، لكن استمرار الخلاف الحالي قد يؤدي إلى تعميق الفجوة بين المؤسستين العسكرية والسياسية، وربما يدخل إسرائيل في مرحلة أكثر تعقيدا على الصعيدين العسكري والأمني.