أعلن معهد الكويت للأبحاث العلمية عن تطوير “النظام الوطني للتنبؤ بجودة الهواء”، وهو مشروع يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الرقابة البيئية وتقديم بيانات دقيقة حول تلوث الهواء في دولة الكويت. يهدف هذا النظام إلى تحسين صحة العامة والوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حماية البيئة، وذلك من خلال التنبؤ بمستويات الملوثات الرئيسية واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه الكويت، كغيرها من دول الخليج، تزايدًا في التحديات البيئية المتعلقة بجودة الهواء، خاصةً مع النمو السكاني والتوسع العمراني والصناعي. حاليًا، يجري المعهد تأهيل الكوادر الوطنية لتشغيل وإدارة هذا النظام المتطور، بالتعاون مع شركة إيطالية متخصصة.
أهمية النظام الوطني للتنبؤ بجودة الهواء
يُعد النظام الجديد نقلة نوعية في البنية التحتية البيئية للكويت، حيث يتجاوز مجرد الرصد التقليدي لجودة الهواء. فهو يعتمد على خوارزميات متطورة لنمذجة تلوث الهواء، مما يسمح بإصدار تنبؤات دقيقة حول مستويات الملوثات في مختلف المناطق. وبحسب القائم بأعمال المدير التنفيذي لمركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية في المعهد، د.عبدالله العنزي، فإن النظام سيعمل على مدار الساعة.
كيف يعمل النظام؟
يعتمد النظام على دمج بيانات الأرصاد الجوية مع معلومات حول مصادر الانبعاثات المختلفة، مثل المركبات والمصانع ومحطات الطاقة. يتم تحليل هذه البيانات باستخدام نماذج رياضية معقدة لمحاكاة حركة الملوثات وانتشارها في الغلاف الجوي. وبالتالي، يمكن التنبؤ بتركيزات الملوثات الرئيسية، بما في ذلك ثاني أكسيد الكبريت، وأول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد النيتروجين، والأوزون، والجسيمات الدقيقة.
هذا التنبؤ يسمح بإنشاء خرائط تفصيلية توضح مستويات جودة الهواء في جميع أنحاء البلاد. وبحسب معهد الكويت للأبحاث العلمية، ستُستخدم هذه الخرائط في تطوير استراتيجيات فعالة لإدارة تلوث الهواء وتحسين صحة المواطنين.
دور الكوادر الوطنية
تولي دولة الكويت أهمية كبيرة لتأهيل الكوادر الوطنية في مجال الرصد البيئي وإدارة جودة الهواء. الدورة التدريبية الحالية، التي تنظم بالتعاون مع شركة “أريانت” الإيطالية، تهدف بشكل أساسي إلى تزويد الخبراء الكويتيين بالمعرفة والمهارات اللازمة لتشغيل وإدارة النظام الجديد بكفاءة عالية. تعتبر شركة أريانت من الشركات الرائدة في هذا المجال، حيث تقدم حلولًا برمجية متقدمة تُستخدم من قبل وكالات حماية البيئة في أوروبا.
وسيتمكن الفنيون والمهندسون الكويتيون، بعد الانتهاء من الدورة، من تحليل البيانات، وتشغيل النماذج، وتفسير النتائج، واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على التنبؤات الصادرة عن النظام.
تأثير النظام على التخطيط واتخاذ القرار
لا يقتصر دور النظام الوطني للتنبؤ بجودة الهواء على الرصد والتنبؤ، بل يمتد ليشمل دعم عملية التخطيط واتخاذ القرار على مختلف المستويات. سيُمكن النظام متخذي القرار من التخطيط الإستراتيجي لإدارة المخاطر البيئية، والتنبؤ بالحالات الطارئة قبل حدوثها، واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام بيانات النظام في دعم خطط التخطيط العمراني وتوزيع المناطق الصناعية والسكنية، مع مراعاة الجوانب البيئية.
إن توفير معلومات دقيقة وموثوقة حول جودة الهواء يُعد أمرًا حيويًا لضمان بيئة صحية ومستدامة لجميع سكان الكويت. وتسعى الحكومة الكويتية برامج استدامة بيئية جديدة، بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035.
علاوة على ذلك، يساهم هذا النظام في تعزيز مكانة الكويت على الصعيدين الإقليمي والدولي في مجال حماية البيئة. كما يُظهر التزام الكويت بتنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بجودة الهواء والتغيرات المناخية.
في سياق متصل، تشير التقارير إلى أن جودة الهواء في الكويت قد شهدت تحسنًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل الجهود المبذولة من قبل الحكومة والقطاع الخاص في مجال الرقابة البيئية والتوعية بأهمية حماية البيئة.
التحديات المستقبلية
على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في مجال الرصد البيئي، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه الكويت في سعيها لتحسين جودة الهواء. من بين هذه التحديات، زيادة عدد المركبات، والتوسع في الأنشطة الصناعية، وتأثير العوامل المناخية. يتطلب التغلب على هذه التحديات استمرار الاستثمار في التقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون بين جميع الجهات المعنية، وتطبيق قوانين ولوائح صارمة لحماية البيئة.
من المتوقع أن يكتمل تأهيل الكوادر الوطنية وتشغيل النظام الوطني للتنبؤ بجودة الهواء بشكل كامل في غضون الأشهر القليلة القادمة. سيتم بعد ذلك البدء في جمع وتحليل البيانات، وإصدار التنبؤات الدورية حول مستويات جودة الهواء في جميع أنحاء البلاد. وسيتابع معهد الكويت للأبحاث العلمية أداء النظام بشكل مستمر، وإجراء التعديلات والتحسينات اللازمة لضمان دقته وفعاليته. ما يجب مراقبته هو مدى توفر البيانات بشكل علني وتكاملها مع الأنظمة الأخرى للرصد البيئي.












