بقلم د. خالد بن إبراهيم العليان
من القواعد المقررة شرعًا أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، وإنما تبقى حقوق العباد أطواق في الرقاب لا تنفك إلا بعفو أصحابها، ومفهوم التقادم في القوانين المعاصرة هو سقوط الحق في المطالبة بفوات مدد وآجال تقررها القوانين المعاصرة، لا سقوط أصل الحق.
وقد تضمنت بعض مواد الأنظمة السعودية تقريرًا لمسألة التقادم ومدد آجال لكثير من الوقائع، منها -على سبيل المثال لا الحصر- ما تضمنه نظام المحاكم التجارية، وكذا الشركات، ومزاولة المهن الصحية، والسوق المالية، والعلامات التجارية، والمنازعات والمخالفات التأمينية، وما قررته أحكام نظام المعاملات المدنية السعودي ونظام العمل ونظام المحاماة، وسوى ما تقدم من نصوص تضمنت أحكام التقادم.
وهنا مسألة يحسن استظهارها، وهي تجلية مفهوم مصطلحي الوقوف والانقطاع في التقادم، وما الأثر القانوني الذي يتولد عن مصطلح وقف التقادم وانقطاع التقادم؟
أما مصطلح وقف التقادم، فحقيقته وقف سريان مدة التقادم الأصلية وتعليقها؛ لقيام سبب مانع من إقامة الدعوى، يستأنف بعدها سريان المدة بعد زوال السبب المانع، والوقائع التي توقف التقادم ليست محصورة، وإنما تركها المنظم سلطة تقديرية لتقدير الدائرة أو القضاء، ومن ذلك ما قرره المنظم السعودي في المادة الرابعة والثلاثون بعد المئتين (234) من نظام العمل بعدم قبول الدعاوى العمالية بعد مرور اثني عشر شهرًا من تاريخ انهاء العلاقة العمالية، واستثنى من ذلك صورتين، هما إقرار المدعى عليه بالحق أو عذر تقبله المحكمة، والأعذار المقبولة توقف مدة التقادم، ومن أمثلتها ما يكيف على أنه قوة قاهرة أو مرض مانع، أو ما يصطلح عليه في القوانين المعاصرة بالمانع الأدبي.
أما انقطاع التقادم فمفهومه سقوط سريان مدة التقادم واحتساب مدة جديدة، ومن الوقائع التي تسقط التقادم إقرار المدين بالحق -وهي التي أشار لها نظام العمل السعودي-، وكذا مطالبة المدعي بحقه وقيد دعوى قضائية، أو مباشرة المدعي بأي إجراء قضائي آخر بشرط أن تنعقد به خصومة، كقيد الدعوى لدى مراكز المصالحة أو التسويات الودية التي تسبق الفصل في الدعوى قضائيًا.