لم يمارس عبد الله أحمد الحمصاني، خريج الهندسة، أي عمل مرتبط بتخصصه “مهندس كيمياء نووية” المدون في بطاقته، ومع ذلك أثار هذا التدوين جدلاً واسعاً بعد مقتله في حادث جنائي بشع في الإسكندرية. الحادث سلط الضوء على الاهتمام العام بالتخصصات النووية، وأثار تساؤلات حول الأمن القومي والعلماء العرب العاملين في هذا المجال.
لقي الحمصاني، الذي يعمل مندوب مبيعات سيارات، حتفه إثر خلاف مع زميل له قام بإطلاق النار عليه وفر هاربًا، وفقًا لبيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية المصرية. وقد استبق فرع نقابة المهندسين في الإسكندرية البيان بإصدار تعزية، مع التأكيد على أن الحمصاني لم يكن له أي علاقة مباشرة بالتخصصات النووية الفعلية.
بعد إيجابي يجب استثماره
على الرغم من أن الزخم الذي صاحب الحادثة قد يكون ناتجًا عن قصص مشكوك في صحتها، كما يرى الدكتور عبد الناصر توفيق رئيس المركز المصري للفيزياء النظرية، إلا أن هناك جانبًا إيجابيًا يمكن استثماره. وهو أن التخصصات النووية تبدو جذابة في أذهان الكثيرين.
ويقول توفيق إن “الجانب السلبي يتعلق بقصص مبالغ فيها في مصر، استُخدمت سياسيًا، تتحدث عن اغتيال علماء. باستثناء حالة يحيى المشد، أشكك في صحة القصص الأخرى، والتي لا يوجد دليل علمي يدعمها.”
وأضاف “هناك حاجة للتوعية بأن كلمة “نووي” لا تعني فقط الاستخدامات العسكرية، بل تشمل أيضًا الاستخدامات السلمية مثل إنتاج الكهرباء، وهو ما يمثل مشروعًا قوميًا في مصر مع مفاعل الضبعة النووي.”
ما “النووي” من الأساس؟
يوضح الدكتور توفيق أن التوعية بأهمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ضرورية. فالطاقة النووية لا تقتصر على الأسلحة، بل تشمل تطبيقات واسعة في الصناعة والبحث العلمي والطب.
ويشير إلى أن هناك حاجة لشباب مؤهل للعمل في هذا المجال، وأن حالة الانبهار الحالية يمكن استغلالها لإنشاء أقسام جديدة في الجامعات المصرية، مع التركيز على التوعية بسلامة العمل في هذا المجال.
ويؤكد أن الوقود النووي المستخدم في محطات الطاقة السلمية يختلف عن الوقود المستخدم في الأسلحة النووية، حيث يتم تصميمه لتوليد حرارة وكهرباء بكفاءة وأمان.
أمنية مفقودة
يتفق الدكتور ماهر القاضي، أستاذ الكيمياء بجامعة كاليفورنيا، مع ضرورة استثمار الزخم الحالي لتعزيز التوعية بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية. لكنه يرى أيضًا أن الحادثة تعبر عن رغبة المواطنين في امتلاك قدرات نووية.
ويقول القاضي “استدعاء قصص الماضي يعكس تمسك المواطن بحلم امتلاك قدرة نووية، مثل دول أخرى في المنطقة. المواطن خيل له أن هناك مشروعًا سريًا، وهو ما يفسر الاهتمام بالحادثة.”
ويضيف أن تحقيق هذا الحلم صعب، ليس بسبب العلم، بل بسبب صعوبة الحصول على الأجهزة اللازمة لتخصيب اليورانيوم، وهو ما يتطلب علاقات دولية معينة.
الكلمات المفتاحية ذات الصلة: الطاقة الذرية، الفيزياء النووية، الأمن القومي.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات في حادث مقتل الحمصاني، وأن تصدر وزارة الداخلية المزيد من التفاصيل. في الوقت نفسه، من المرجح أن تشهد الجامعات المصرية نقاشًا حول تطوير برامجها التعليمية في مجال الطاقة النووية لتلبية احتياجات سوق العمل المتزايدة. يبقى التحدي هو تحقيق التوازن بين تطوير القدرات النووية السلمية وضمان الأمن القومي.













