وقّعت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) مؤخرًا مذكرة تعاون مع وزارة الدفاع بهدف رئيسي هو تمكين المتقاعدين العسكريين من الانخراط في قطاع ريادة الأعمال. تهدف هذه الشراكة إلى توفير الدعم اللازم لاستثمار خبراتهم العسكرية في مشاريع جديدة، وتسهيل حصولهم على التدريب والاستشارات، وتعزيز دورهم في التنمية الاقتصادية للمملكة. وقع الاتفاق في الرياض، ويأتي ضمن جهود “منشآت” لدعم مختلف شرائح المجتمع في ريادة الأعمال.
تعتبر هذه الخطوة مبادرة مهمة تستهدف فئة حيوية من المجتمع السعودي، وهي الفئة المتقاعدة من وزارة الدفاع. وتهدف المذكرة إلى خلق بيئة عمل جاذبة للمتقاعدين، وتقديم كافة الأدوات والموارد التي يحتاجونها لتحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة. ومن المتوقع أن تسهم هذه الشراكة في زيادة عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، وتعزيز فرص العمل.
أهمية تمكين المتقاعدين العسكريين في مجال ريادة الأعمال
تبرز أهمية هذه المذكرة في سياق رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على أهمية تنويع مصادر الدخل، وتعزيز دور القطاع الخاص، ودعم ريادة الأعمال. المتقاعدون العسكريون يمثلون ثروة وطنية من الخبرات والمهارات القيادية والانضباط، والتي يمكن توظيفها بفعالية في مختلف المجالات الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك هؤلاء المتقاعدون شبكات علاقات واسعة قد تفيد مشاريعهم الناشئة.
دور الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)
تلتزم الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) بتقديم حزمة متكاملة من الخدمات للمتقاعدين العسكريين الراغبين في دخول عالم ريادة الأعمال. تشمل هذه الخدمات، وفقًا لبيان صادر عن “منشآت”، توفير برامج تدريبية متخصصة في مجالات إدارة الأعمال والتسويق والتمويل. كما ستقدم الهيئة الدعم اللازم في تسجيل الشركات، والحصول على التراخيص اللازمة، وتوفير الاستشارات الإدارية والقانونية.
وتشمل جهود “منشآت” أيضًا تسهيل الحصول على التمويل اللازم للمشاريع الناشئة من خلال ربط المتقاعدين الجهات التمويلية المختلفة، بما في ذلك البنوك وشركات التمويل والمستثمرين من القطاع الخاص. كما تعمل الهيئة على تطوير منصات رقمية تتيح للمتقاعدين الوصول بسهولة إلى كافة الخدمات والمعلومات التي يحتاجونها.
دور وزارة الدفاع
تتعهد وزارة الدفاع، من جانبها، بتوفير قاعدة بيانات للمتقاعدين الراغبين في الاستفادة من هذه المذكرة. وستعمل الوزارة على تسهيل إجراءات التسجيل، وتوفير الدعم اللازم للمتقاعدين خلال فترة التحول إلى ريادة الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، ستساهم وزارة الدفاع في الترويج لهذه المبادرة بين منسوبيها المتقاعدين، وتوعيتهم بأهمية ريادة الأعمال والمنافع التي يمكن أن يحققوها من خلالها.
وبحسب المصادر، فإن الوزارة تخطط لإطلاق سلسلة من الورش التدريبية والندوات التثقيفية للمتقاعدين، والتي ستتناول مواضيع مختلفة تتعلق بريادة الأعمال، مثل تحديد الفرص الاستثمارية، وكتابة خطط العمل، وإدارة المخاطر المالية. ولعبت الإدارة العامة للخدمات الاجتماعية بالوزارة دوراً هاماً في تنسيق هذه المبادرة.
تحديات وفرص ريادة الأعمال للمتقاعدين
يواجه المتقاعدون العسكريون بعض التحديات الخاصة عند دخولهم مجال ريادة الأعمال. من أهم هذه التحديات قلة الخبرة في إدارة الأعمال، وصعوبة التكيف مع بيئة العمل الجديدة، والخوف من الفشل. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجهون صعوبة في الحصول على التمويل اللازم، خاصة وأنهم لا يمتلكون سجلًا ائتمانيًا تجاريًا.
ومع ذلك، فإن لدى المتقاعدين العسكريين العديد من الفرص التي تميزهم عن غيرهم من رواد الأعمال. يتمتعون بقدر كبير من الانضباط والالتزام والقيادة، وهي صفات أساسية للنجاح في مجال ريادة الأعمال. كما أن لديهم شبكات علاقات واسعة، وقدرة على العمل تحت الضغط، وحل المشكلات المعقدة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمتقاعدين العسكريين الاستفادة من خبراتهم العسكرية في مجالات محددة، مثل الأمن والسلامة، والتدريب، والخدمات اللوجستية. تعتبر هذه المجالات واعدة وذات طلب مرتفع في السوق السعودي، مما يزيد من فرص نجاح مشاريعهم. وهناك أيضاً إمكانية الدخول في مشاريع تقنية تعتمد على الابتكار، وهو مجال يشهد دعمًا كبيرًا من الحكومة.
تأثير المذكرة على الاقتصاد الوطني
من المتوقع أن يكون لهذه المذكرة تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني. فمن خلال تمكين المتقاعدين العسكريين من دخول مجال ريادة الأعمال، ستساهم في زيادة عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وهذا بدوره سيؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتنويع مصادر الدخل، وخلق فرص عمل جديدة. كما ستساهم في تطوير قطاع ريادة الأعمال في المملكة، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
علاوة على ذلك، فإن هذه المذكرة تعكس التزام الحكومة السعودية بدعم جميع شرائح المجتمع في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وتأتي في سياق الجهود المبذولة لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى بناء اقتصاد قوي ومتنوع، وتحسين جودة الحياة للمواطنين. وتشير التقديرات إلى أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يساهم بنحو 40% في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ومن المتوقع أن يزداد هذا المساهمة في السنوات القادمة بفضل هذه المبادرات.
الخطوة التالية المتوقعة هي البدء في تنفيذ البرامج التدريبية وتقديم الاستشارات للمتقاعدين العسكريين خلال الأشهر القليلة القادمة. وستراقب “منشآت” ووزارة الدفاع عن كثب نتائج هذه المبادرة، وتقييم مدى فعاليتها في تحقيق أهدافها. ومن المهم متابعة عدد المشاريع التي يتم إنشاؤها من قبل المتقاعدين، وحجم الاستثمارات التي يتم جذبها، وعدد الوظائف التي يتم توفيرها. لا توجد حتى الآن بيانات محددة حول عدد المتقاعدين العسكريين المستهدفين، ولكن من المتوقع أن يكون العدد كبيرًا نظرًا لأعداد المتقاعدين من هذه الفئة.













