في أجواء خيم عليها الحزن والفقد، احتشد عشرات المصلين المسيحيين داخل كنيسة أرثوذكسية صغيرة في قلب مدينة غزة لإحياء الجمعة العظيمة، التي تحلّ هذا العام بينما تواصل إسرائيل حربها على القطاع المنكوب.
جاءت المناسبة، التي تسبق عيد الفصح، وسط تصاعد في وتيرة القصف، حيث أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية خلال الساعات الأخيرة عن مقتل ما لا يقل عن 25 شخصا، في واحدة من أكثر الليالي دموية منذ استئناف العمليات.
وتعد هذه ثاني جمعة عظيمة تحييها الطائفة المسيحية في غزة منذ بدء الحرب، التي طالت الجميع دون استثناء.
وارتدى المصلّون ملابس سوداء، وأحنوا رؤوسهم في صلوات خاشعة، مرددين التراتيل التقليدية، بينما أضاءت الشموع زوايا الكنيسة المتهالكة إحياءً لذكرى صلب المسيح.
وقال إيهاب عياد، وهو نازح فلسطيني شارك في القداس: “نحترم دماء الشهداء، ولا نحتفل بالفرح العظيم الذي اعتدنا عليه كل عام”.
ورغم أن عدد المسيحيين في القطاع لا يتجاوز 1300 شخص، بحسب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية لعام 2022، فإنهم يمثلون مكوّنا أصيلًا من النسيج الاجتماعي الفلسطيني، الذي لم يسلم بدوره من مآسي الحرب.
ومع انهيار وقف إطلاق النار الهش، صعّدت إسرائيل غاراتها، مخلّفة دمارا واسعا شمل أحياء سكنية ومرافق دينية، من بينها الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في غزة، التي استُهدفت في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أسفر عن مقتل 19 شخصا، بينهم ثلاثة من أبناء رامز السوري.
وقال السوري، وقد بدت ملامح الحزن على وجهه،”فقدت أطفالي الثلاثة في تلك الغارة. كانت جريمة ضد الإنسانية، ضد الأطفال، وضد مجتمع مسالم”.
وتزامن قداس الجمعة العظيمة هذا العام مع موجة جديدة من القصف استهدفت عدة مناطق في القطاع.
ففي خان يونس، قُتل 15 شخصا في ثلاث غارات، بحسب مستشفى ناصر، بينما قتل 10 أشخاص في جباليا، بينهم ثمانية من عائلة واحدة، وفقًا للمستشفى الإندونيسي.