في العام الماضي، أسس باحثان سابقان في “غوغل ديب مايند” شركة ناشئة باسم “ريفليكشن إيه آي” (Reflection AI). تهدف هذه الشركة إلى تطوير نهج جديد في مجال الذكاء الاصطناعي، يركز على الانفتاح والمشاركة المجتمعية بدلاً من الاعتماد على المختبرات المغلقة. وتسعى “ريفليكشن إيه آي” إلى إعادة الذكاء الاصطناعي إلى جذوره المفتوحة، معتقدةً أن التعاون العلمي لا يقل أهمية عن الابتكار التقني.
تأسست الشركة على خلفية تزايد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وتطوير نماذج لغوية كبيرة مثل تلك التي تنتجها “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك”. ومع ذلك، ترى “ريفليكشن إيه آي” أن هذه النماذج، على الرغم من قوتها، تعاني من نقص في الشفافية وإمكانية الوصول، مما يعيق التقدم الحقيقي في هذا المجال. وتهدف الشركة إلى تقديم بديل مفتوح المصدر لهذه المختبرات المغلقة.
خلفية التأسيس والمؤسسون: رؤية جديدة للذكاء الاصطناعي
يقود “ريفليكشن إيه آي” كل من ميشا لاسكين ويوانيس أنتونوغلو، وهما عالمان بارزان في مجال الذكاء الاصطناعي. أنتونوغلو معروف بمساهماته الكبيرة في تطوير “ألفا غو” (AlphaGo)، البرنامج الذي هزم بطلاً عالمياً في لعبة “غو” عام 2016، مما أظهر قدرات الذكاء الاصطناعي على الإبداع وحل المشكلات المعقدة.
كما قاد أنتونوغلو تطوير “ألفا زيرو” (AlphaZero) و”مو زيرو” (MuZero)، وهما برنامجان أتقنا ألعاب الشطرنج والشوجي وغيرها من خلال التعلم الذاتي دون تدخل بشري. في المقابل، قاد لاسكين جهود نمذجة المكافآت في مشروع “جيميناي” (Gemini) من “ديب مايند”، مع التركيز على تحسين أداء النماذج من خلال التعلم التعزيزي لزيادة دقتها وأمانها.
التركيز على وكلاء البرمجة المستقلين
تتبنى “ريفليكشن إيه آي” استراتيجية فريدة تركز على تطوير “وكلاء برمجة مستقلين” (Independent Programming Agents). تهدف هذه الوكلاء إلى أتمتة عملية البرمجة، مما يسمح للمبرمجين بالتركيز على المهام الأكثر إبداعًا وتعقيدًا. وتعتبر الشركة أن هذا النهج هو خطوة أساسية نحو تحقيق الذكاء الاصطناعي الفائق.
وتعتمد الشركة على دمج التعلم التعزيزي مع النماذج اللغوية الكبيرة لإنشاء أنظمة قادرة على أداء المهام المعقدة دون تدخل بشري. وتستمد هذه الأنظمة قوتها من خبرة فريقها في مشاريع سابقة مثل “بالم” (PaLM) و”شات جي بي تي” (ChatGPT) و”ألفا كود” (AlphaCode).
“أسيموف” – أداة جديدة في عالم البرمجة بالذكاء الاصطناعي
أطلقت “ريفليكشن إيه آي” مؤخرًا منتجها الأول، وهو وكيل الذكاء الاصطناعي المسمى “أسيموف” (Asimov). تم تصميم “أسيموف” خصيصًا لمساعدة فرق الهندسة في فهم التعليمات البرمجية وكتابتها وإدارتها بشكل أكثر كفاءة. ويركز “أسيموف” على فهم سياق التعليمات البرمجية، وليس فقط توليدها، مما يجعله أداة فريدة من نوعها في هذا المجال.
على عكس العديد من أدوات البرمجة بالذكاء الاصطناعي الأخرى التي تركز على السرعة، يركز “أسيموف” على الموثوقية والدقة. ويستخدم “أسيموف” بنية معالجة متعددة الوكلاء لجمع المعلومات ذات الصلة وتقديم إجابات مستنيرة. ويعتمد على التعلم التعزيزي لتحسين أدائه باستمرار.
وتشير الشركة إلى أن “أسيموف” لا يهدف إلى استبدال المبرمجين، بل إلى تمكينهم من خلال أتمتة المهام المتكررة والمملة. ويساعد “أسيموف” المبرمجين على التركيز على المهام الأكثر إبداعًا وتعقيدًا، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة التعليمات البرمجية.
حصلت “ريفليكشن إيه آي” على تمويل كبير من شركات رائدة في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك “إنفيديا” (Nvidia) وإريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “غوغل”. يعكس هذا التمويل الثقة في رؤية الشركة وقدرتها على تحقيق أهدافها الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن تستمر “ريفليكشن إيه آي” في تطوير “أسيموف” وإضافة ميزات جديدة إليه. كما تخطط الشركة لإطلاق منتجات أخرى في المستقبل القريب، بهدف توسيع نطاق تأثيرها في مجال الذكاء الاصطناعي. ويراقب الخبراء عن كثب تطورات الشركة، ويتوقعون أن تلعب دورًا مهمًا في تشكيل مستقبل هذا المجال.













