في تصعيد للأزمة النفطية في فنزويلا، وجهت الصين انتقادات حادة للولايات المتحدة بسبب احتجاز ناقلات نفط فنزويلية في المياه الدولية. وتعتبر بكين هذا الإجراء انتهاكًا للقانون الدولي واعتداءً على حرية الملاحة، مما يثير مخاوف بشأن أمن الطاقة الصيني، خاصة وأن النفط الفنزويلي يمثل جزءًا هامًا من واردات الصين. هذا التصعيد يأتي في وقت تفرض فيه واشنطن حصارًا نفطيًا على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
أعلنت الصين رفضها لما وصفته بـ”العقوبات الأحادية وغير القانونية” التي تفرضها الولايات المتحدة على فنزويلا. وقد اعترضت خفر السواحل الأميركي عدة ناقلات تحمل النفط الفنزويلي، بما في ذلك ناقلة “سنتشوريز” العملاقة، في محيط المياه القريبة من فنزويلا، كجزء من سياسة تهدف إلى محاصرة السفن الخاضعة للعقوبات التي تدخل أو تخرج من فنزويلا. وتتزايد التكهنات حول إمكانية تدخل الولايات المتحدة عسكريًا في فنزويلا، وفقًا لتقارير صحفية.
تأثير أزمة النفط الفنزويلي على الصين
لا تقتصر تداعيات هذا التصعيد على فنزويلا فحسب، بل تمتد أيضًا إلى الصين، التي تعد أكبر مستورد للنفط الفنزويلي. يشكل تعطل الشحنات وتصاعد المخاطر الجيوسياسية تحديات متزايدة لأمن الطاقة الصيني، ويعيد إلى الواجهة تساؤلات حول كلفة العقوبات الأميركية على سلاسل الإمداد العالمية وسوق الطاقة الدولية. تعتمد الصين بشكل كبير على واردات النفط لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، وأي اضطراب في الإمدادات يمكن أن يؤثر على اقتصادها.
حجم واردات الصين من النفط الفنزويلي
تُعد الصين أكبر مستورد للنفط الفنزويلي في العالم، حيث تجاوزت وارداتها 600 ألف برميل يوميًا خلال شهر ديسمبر الحالي. ويمثل هذا الرقم حوالي 4% من إجمالي واردات الصين من النفط الخام، وفقًا لوكالة رويترز. وفي عام 2024، بلغت واردات الصين من فنزويلا حوالي 1.6 مليار دولار، شكل النفط ومشتقاته حوالي 1.05 مليار دولار منها، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية (COMTRADE).
بدائل الصين لتعويض النقص المحتمل في الإمدادات الفنزويلية
على الرغم من أهمية النفط الفنزويلي للصين، إلا أن بكين لديها خيارات بديلة لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات. تعتمد الصين بشكل رئيسي على دول كبرى منتجة للنفط مثل روسيا والسعودية والعراق وعُمان وماليزيا. وقد شهدت واردات الصين من روسيا ارتفاعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مما يعكس تنويع الصين لمصادرها النفطية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للصين زيادة وارداتها من النفط من دول أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من المستفيد الأكبر المحتمل من هذه الأزمة؟
من الصعب تحديد المستفيد الأكبر المحتمل من هذه الأزمة بشكل قاطع. ومع ذلك، قد تستفيد روسيا من زيادة الطلب على نفطها في حال استمرار اضطرابات الإمدادات الفنزويلية. كما أن الدول الأخرى المنتجة للنفط قد تستفيد من ارتفاع الأسعار. في المقابل، قد تتضرر فنزويلا من استمرار العقوبات وتراجع إنتاجها النفطي، مما يؤثر سلبًا على اقتصادها.
تُظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن الصين تستورد النفط الخام من عشرات الدول. وارتفعت واردات الصين من روسيا في عام 2024 للعام الثالث على التوالي، لتسجل متوسطًا بلغ 2.2 مليون برميل يوميًا، بزيادة قدرها 1% مقارنة بعام 2023. وجاءت السعودية في المرتبة الثانية بين أكبر مصدري النفط الخام إلى الصين عام 2024، رغم تراجع الواردات منها للعام الثالث على التوالي.
تُظهر التقارير أن شركة شيفرون تلعب دورًا متزايد الأهمية في إنتاج النفط الفنزويلي، بعد أن حصلت على تراخيص خاصة من الولايات المتحدة لاستئناف عملياتها في البلاد. في حين أن الاستثمارات الصينية في قطاع النفط الفنزويلي محدودة نسبيًا، إلا أن بكين تواصل دعم فنزويلا من خلال القروض والاستثمارات في قطاعات أخرى.
في الختام، من المتوقع أن تستمر أزمة النفط الفنزويلية في التأثير على الصين وسوق الطاقة العالمية في المدى القصير والمتوسط. سيكون من المهم مراقبة تطورات الوضع السياسي في فنزويلا، بالإضافة إلى ردود فعل الولايات المتحدة والصين. كما سيكون من الضروري متابعة تطورات إنتاج النفط الفنزويلي، وتأثير العقوبات على سلاسل الإمداد العالمية. من المرجح أن تستمر الصين في تنويع مصادرها النفطية لضمان أمن الطاقة، في ظل حالة عدم اليقين التي تشوب المشهد الجيوسياسي.













