ما له شأن بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، يبعث الشجن في الأنفس، ويقدح الحنين من القلب، ويهيّج لواعج وخوالج الصدر المنتمية لطهارة الوحي، ونبع النقاء، ومنهاج النبوة، في ظل تباين المسلمين وانشغالهم بخلاف ترفي دون وعي بما تعرَّض له النبي محمد صلى الله عليه وسلم من متاعب ومصاعب عرّضت حياته للخطر، وعِرضه للقذف، وسيرته للتشويه، إلا أن أعظم انتصار تمثّل ويتمثّل في نجاح دعوته، وإظهار رسالته، ودخول الناس في دِين الله أفواجاً ببركة خاتم النبيين وسيّد المرسلين. وفي مبادرة تطوعية، شارك فيها عدد من الباحثين سار ركب على ظهور الإبل من مكة إلى المدينة، واستغرق زمن الرحلة 7 ليالٍ و8 أيام، وانطلقوا من وادي العويجا من الشمال، مجتازين وادي ثول، واتجهوا لليمين نحو خيمتي أم معبد، قبل أن يسلكوا شمالاً نحو الساحل إلى منطقة أسفل وادي ذي دوران، الذي لحق فيه سراقة بن مالك بالنبي فغاصت أقدام فرسه في الرمل، وكتب له كتاب الأمان والبشارة.
واجتاز الفريق درب الأنبياء على أعالي وادي سليا، ووادي قربة وقريبة ودفينة ودفين، ثم اعتلوا ثنية الكوثر وصلوا المغرب والعشاء، وكان مبيتهم بها، وقطع الفريق وادي اليدعة باتجاه وادي العرج، ثم جبال الخلوات، واستقبلهم وادي الحلقة لثنية ركوبة عند مغرب هذا اليوم، حيث يبيتون به الليلة. وأوضح عضو فريق التوثيق المهندس عمرو درويش، في مسامرة رمضانية أمس الأول، أنه والباحثين استمروا في دراسة ومسوحات الطريق 30 شهراً، واختاروا قطع المسافة من أسفل جبل ثور إلى مسجد قباء على ظهور الإبل، محاكاةً واقتداءً، لاستقصاء المعالم والأحداث وفق أدق الروايات في أمهات كتب الصحاح. وكشف سيرهم عبر طريق الهجرة ووقوفهم على أماكن معالم وأحداث ورصد للآثار والنقوش، وتتبع مصليات الرسول صلى الله عليه وسلم، ومباته، وموقع لقاء عبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وهما في طريق عودتهما بتجارة من الشام، وإهداء القميصين الأبيضين للرسول ولصاحبه الصديق لارتدائهما أثناء دخولهما إلى المدينة المنورة، وتعثر ناقة أبي بكر بجبال الخذوات، ووقوفهم في موضع أول صلاة للصحابي ابن هنيدة التي صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضى الله عنه وهم في أعلى الركوبة.
وثمّن درويش تفاعل الحضور، وأجاب عن الأسئلة التي وُجهت له، ولفت إلى أن طريق الهجرة الذي سلكوه من الممكن أن تقام عليه مشاريع استثمارية.
يذكر، أنه شارك في التوثيق عبدالحافظ القريقري، وحسن عبدالشكور، وسمير برقة، بالتنسيق ومشاركة مجموعة من الرحالة برئاسة عبدالحميد فتة، وهم: طارش ناصر آل شريم، ومحمد علي الحربي، ومحمد الثمالي، وفيصل الحويطي، وسلطان الثقفي، وبمشاركة رويد يسلم بصفر، ومحمد حسن زيني.