تشهد الجهود الدبلوماسية المتعلقة بـ الأزمة الأوكرانية تسارعًا ملحوظًا، مع تحرك العواصم الأوروبية لاستئناف المشاورات حول مسار الحرب المحتملة. يأتي هذا في ظل الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة على كييف للتوصل إلى اتفاق ينهي الصراع المستمر منذ فبراير 2022. وتتركز هذه المشاورات على إيجاد حلول دبلوماسية لإنهاء القتال وتخفيف التوترات الإقليمية.
من المقرر أن يستضيف المستشار الألماني فريدريش ميرتس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين يوم الاثنين المقبل، في إطار سلسلة لقاءات تشمل قادة أوروبيين آخرين وممثلين عن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وتهدف هذه اللقاءات إلى تنسيق المواقف وتبادل وجهات النظر حول التطورات الأخيرة في الأزمة، والبحث عن أرضية مشتركة لإنهاء الحرب.
برلين مركزًا للمشاورات حول الأزمة الأوكرانية
أعلنت المستشارية الألمانية أن المباحثات ستجري على مرحلتين، مع التركيز بشكل خاص على آخر التطورات في مفاوضات السلام المتعثرة. تأتي هذه الجهود بعدما كشفت الإدارة الأمريكية عن خطة لإنهاء الحرب، والتي يبدو أنها تلبي بعض المطالب الروسية الرئيسية، مما أثار جدلاً واسعًا.
الشق الأول من اللقاءات سيكون ثنائيًا بين ميرتس وزيلينسكي، وسيتناول العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بالتزامن مع انعقاد المنتدى الاقتصادي الألماني الأوكراني السنوي في برلين. يهدف هذا الجزء إلى بحث سبل دعم الاقتصاد الأوكراني المتضرر من الحرب، وتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين.
الضغط الأمريكي وآخر التطورات
تأتي هذه التحركات الدبلوماسية بعد حوالي ثلاثة أسابيع من طرح الإدارة الأمريكية لخطة لإنهاء الحرب، والتي تضمنت مقترحات أولية وافقت عليها روسيا بشكل مبدئي. في المقابل، قدمت كييف نسخة معدلة من الخطة تتضمن مقترحات مضادة، مع تأكيد زيلينسكي على سعي واشنطن للتوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن.
وفقًا لتصريحات ميرتس، فإن القضية الرئيسية المطروحة للنقاش تتمحور حول التنازلات الإقليمية المحتملة التي قد تقدمها أوكرانيا. هذا الموضوع حساس للغاية، ويتطلب دراسة متأنية لضمان حماية المصالح الأوكرانية وسيادتها.
ملفات دونيتسك وزابوريجيا على طاولة المفاوضات
أشار زيلينسكي إلى أن القضايا الرئيسية المتبقية تتعلق بالسيطرة على منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، حيث تتركز معظم الاشتباكات، بالإضافة إلى وضع محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب البلاد، والتي تسيطر عليها القوات الروسية. تعتبر هاتان القضيتان من أهم التحديات التي تواجه مفاوضات السلام، وتتطلبان حلولًا تضمن أمن وسلامة المنطقة.
تتوسع النقاشات لاحقًا لتشمل قادة دول أوروبية أخرى تدعم كييف، مع تأكيد مشاركة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في الاجتماعات المقررة مساء الاثنين، وفقًا لمصادر حكومية بريطانية. هذا يدل على الأهمية التي توليها الدول الغربية لهذه المفاوضات، ورغبتها في إيجاد حل سلمي للأزمة.
الحرب في أوكرانيا أثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، وتسببت في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء. كما أدت إلى أزمة إنسانية كبيرة، مع نزوح الملايين من الأوكرانيين إلى دول أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، أدت الأزمة إلى توترات جيوسياسية متزايدة بين روسيا والغرب، مما أثار مخاوف بشأن اندلاع صراع أوسع نطاقًا. وتشمل التحديات الأخرى المرتبطة بالصراع، مسألة الأمن النووي، وتأثير الحرب على الأمن الغذائي العالمي.
من المتوقع أن تستمر المشاورات الدبلوماسية في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول عملية للقضايا العالقة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى التوصل إلى اتفاق سلام شامل. المفاوضات معقدة، وتتطلب تنازلات من جميع الأطراف.
ما يجب مراقبته في المستقبل القريب هو رد فعل روسيا على المقترحات الأوكرانية، ومدى استعدادها لتقديم تنازلات ملموسة. كما يجب متابعة تطورات الوضع على الأرض، وخاصة في منطقة دونيتسك، حيث قد تؤثر التطورات العسكرية على مسار المفاوضات. يبقى التوصل إلى حل سلمي للأزمة الأوكرانية هدفًا أساسيًا للمجتمع الدولي، ولكن الطريق لا يزال طويلاً ومليئًا بالتحديات.













