طور فريق بحثي في تايوان نظامًا جديدًا للكشف المبكر عن خطر الإصابة بسرطان الكبد قبل سنوات من التشخيص، مما يفتح آفاقًا واعدة لتحسين فرص البقاء على قيد الحياة. يعتمد النظام على تحليل بسيط لعدة مؤشرات صحية أساسية، ويقدم تقييمًا كميًا للمخاطر، مما يسمح بتحديد الأفراد الذين يحتاجون إلى مراقبة دقيقة. وقد أظهرت الدراسات الأولية نتائج مبشرة في التنبؤ باحتمالية الإصابة بهذا النوع من السرطان.
الكشف المبكر عن سرطان الكبد: نظام SAFE الجديد
تم تصميم نظام “SAFE” (تقييم المخاطر المبكر) ليكون أداة فحص بسيطة وفعالة، ويمكن دمجها بسهولة في فحوصات الرعاية الصحية الروتينية. وفقًا للباحثين من الجامعة الوطنية في تايوان، يقيّم النظام المخاطر بناءً على أربعة متغيرات رئيسية: العمر، ومؤشر كتلة الجسم، وتشخيص مرض السكري، بالإضافة إلى مجموعة من فحوصات الدم الروتينية. تشمل هذه الفحوصات إنزيمات الكبد، عدد الصفائح الدموية، ومستويات الغلوبولينات في الدم.
تُستخدم هذه البيانات لإنشاء قيمة رقمية لـ “SAFE”، حيث يشير تجاوز هذه القيمة لـ 100 إلى زيادة كبيرة في خطر الإصابة بسرطان الكبد. تشير الدراسات إلى أن الأفراد الذين تتجاوز قيمة SAFE لديهم خطر أكبر بـ 7.5 مرة مقارنة بأولئك الذين لديهم قيم أقل. ينطبق ذلك بشكل خاص على الأفراد الذين يعانون من التهاب الكبد المزمن أو الكبد الدهني غير الكحولي، وهما من عوامل الخطر المعروفة.
فعالية النظام في مجموعات مختلفة
أظهرت التحاليل أن النظام يتمتع بدقة عالية في التنبؤ بالإصابة بسرطان الكبد، ليس فقط في مجموعة المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد، ولكن أيضًا في مجموعة بيانات خارجية أكبر شملت أكثر من 120 ألف شخص. وهذا يشير إلى إمكانية تطبيق النظام على نطاق واسع في المجتمعات المختلفة لتحسين معدلات الكشف المبكر.
يختلف الكشف عن سرطان الكبد في المراحل المبكرة بشكل كبير، وغالبًا ما يكون محدودًا بسبب عدم وجود أعراض واضحة. لذا، يمكن لهذه الأداة أن تكون مفيدة للغاية في تحديد الحالات التي تتطلب مزيدًا من التحقيق، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو الخزعة.
أهمية المؤشرات المستخدمة في تقييم المخاطر
يستند نظام SAFE إلى فهم متزايد للعوامل التي تساهم في تطور سرطان الكبد. فالسمنة، على سبيل المثال، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتطور الكبد الدهني غير الكحولي، والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى تليف الكبد وزيادة خطر الإصابة بالسرطان. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر مرض السكري عامل خطر مستقل للإصابة بالعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الكبد. وتشير التغيرات في إنزيمات الكبد، والصفائح الدموية، والغلوبيولينات في الدم إلى وجود تلف أو التهاب في الكبد، مما قد يكون علامة مبكرة على تطور السرطان.
تتوفر بالفعل طرق فحص أخرى لـ سرطان الكبد، مثل فحص علامة ألفا فيتوبروتين (AFP)، ولكنها غالبًا ما تكون أقل حساسية ودقة في المراحل المبكرة. ويركز نظام SAFE على مجموعة من المؤشرات، مما يزيد من احتمالية اكتشاف الحالات الحرجة، حتى في غياب الأعراض التقليدية.
يأمل الباحثون أن يتم اعتماد هذا النظام على نطاق واسع في عيادات الرعاية الأولية والمستشفيات كجزء من برامج الفحص الروتيني. يشير الفريق إلى أن الخطوة التالية ستكون إجراء المزيد من الدراسات لتحديد العتبات المثلى لقيمة SAFE لمختلف المجموعات السكانية، وتقييم فعالية النظام في البيئات السريرية الواقعية.
من المقرر أن تُعرض نتائج هذه الدراسة على المؤتمرات الطبية الدولية، وأن يتم نشرها في المجلات العلمية المحكمة خلال الأشهر القليلة القادمة. سيراقب الخبراء عن كثب التطورات المستقبلية لهذا النظام، وتقييم إمكانية استخدامه في تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية أكثر فعالية لـ سرطان الكبد.













