منذ متابعتك الأولى للإعلامية هديل عليان، المذيعة بقناة الشرق، تشعر أن هناك طاقة إيجابية تنبعث من الشاشة، وإن كان محتوى نشرتها مأساوياً، بحكم الأحداث الساخنة في العالم، وبما أن سعة ثقافتها جواز سفرها للعمل المهني، فإنها تتميّز باللطف في تعاملها، ولا تسيء الظن في أحد، بحكم ثقتها بنفسها، ووضوح مسارها، وإجادتها لعملها، وهنا بعض من تجليات شخصية تضيء بروحها قبل وجهها. • من كانت قابلتكِ أثناء الولادة، ومن الذي اختار لك اسمك؟ •• أنا مواليد الدوحة (قطر) تحديداً مستشفى حمد.. من اختار اسمي هو صديق لوالدي وللعائلة كان حاضراً يوم ولادتي وعندما رآني قال لوالدي وجهها كله سلام.. سمها هديل (صوت الحمام) وقد كان.
• وهل كان لك من اسمك نصيب؟•• في شخصيتي نعم.. أنا شخصية بطبيعتي أعشق السلام النفسي والهدوء جداً، وأبتعد كل البعد عن أي شيء ممكن يزعزع هذا السلام، ولا أشغل نفسي أبداً بأي نوع من الصراعات.. وحياتي أيضاً الحمد لله هادئة.
• مَن معلمتكِ الأولى؟ •• مدرستي الأولى التي التحقت بها أذكرها جيداً كانت في الدوحة واسمها (مدرسة صفية بنت عبدالمطلب)، وأذكر كنت أحب جداً مدرّسة تدرسنا مادة التربية الدينية كان اسمها عائشة.
• مَن تتذكرين من زميلات الطفولة؟ •• تنقّل والدي من بلد لبلد فرقني عن صديقات عزيزات.. وأخذتنا الدنيا.. كل في حياته.
• ما الذي تحتفظين به في ذاكرتك من الطفولة؟•• ذكريات كثيرة كلها جميلة.. أنا طفولتي كانت هادئة وسعيدة جداً الحمد لله، وتتنوع بين مسقط رأسي في قطر ومصر كون والدتي مصرية.. وذكرياتي في فلسطين أيضاً لأن والدي فلسطيني.. وكلها محفورة في ذاكرتي ولا أنساها أبداً.
رائحة الطيبين • على ماذا استيقظ وعيكِ المبكر من الأحداث والمواقف والناس؟ •• على الطبيعة.. أنا من عشاق الطبيعة.. وذهني محفور فيه كل تفاصيل وطبيعة البلاد التي عشت فيها وزرتها… أصوات العصافير والأشجار والفصول، الصيف البحر والمطر ورائحة الورود والشارع والناس وصوت أمي في الصباح الباكر وتفاصيل كثيرة متنوعة جميلة.
• لماذا يسكننا حنين لأيامنا الأولى في الحياة؟ •• لأنها برائحة الطيبين.. يعني أنا أشعر أن عالمي حالياً ينقصه الكثير بعد رحيل أمي (رحمها الله) يا ريت لو يرجع يوم من أيامها.. افتقدها وافتقد الأيام التي كانت فيها بشدة.. لكنه حال الحياة، اللهم لا اعتراض، والحمد لله على قضاء رب العالمين.
• والدتكِ كان لها دور مهم في حياتك.. حدثينا عنه؟ •• والدتي -الله يرحمها- كانت صديقتي المقربة.. لها الفضل في كل ما أنا عليه.. لولاها لما كان اليوم إعلامية اسمها هديل عليان تحاورها.. ساندتني ووقفت معي وآمنت بي في وقت والدي كان يعارض تماماً دخولي مجال الإعلام، وكان يتمنى أن أُنهي دراستي في الطب أو الصيدلة.. إنما بفضل والدتي أستطعت ومهما أتحدث عنها لن أوفيها حقها.. أفتقدها بشدة.
أنا مستقلة • كيف كان أوّل يوم صيام في حياتك، وهل كان موسم صيف؟ •• صحيح كان موسم صيف وكنت طفلة.. وأصررت على الصوم، وبدأت الصيام بعمر مبكر الحمد الله.
• أي فرق أو ميزة كنتِ تشعرين أنك تتميزين بها عن قريناتك؟ •• كنت مميزة من يومي؛ الجدية والإصرار والطموح الذي لا سقف له كانت أهم صفاتي.. أنا من طفولتي مستقلة، وعندي تطلعات أن أحقق ما أتمناه، ولم أكن مثل فتيات تشغلهن الحياة بقصص ما.. كنت عاشقة للدراسة ومركزة دائماً على أهدافي، وعمري ما يئست ولا أؤمن بالفشل.. من صغري أضع أهدافاً، وأصل لها الحمد الله.
• وكيف شكلت طفولتك وذكرياتها والبلاد التي نشأتِ فيها وتنقلت بينها شخصيتك العملية والمهنية؟ •• لها دور كبير طبعاً.. البيئة التي نشأت فيها ودراستي، وتأثري بوالدي الإعلامي، وصولاً لغزة كبلد عاصر حروباً فُرضت عليه.. كانت انطلاقتي من ساحتها، وأنا محظوظة أنني بدأت بالعمل في الميدان كمراسلة حرب شكلت شخصيتي الصحفية الحالية، وبنتها على أساسات قوية وأعطتني قوة وثقلاً أهلتني من بعدها للجلوس في أكبر الاستوديوهات العربية في الوطن العربي.
غزة بلدي • كيف تصفين غزة.. التي بدأتِ العمل الصحفي والإعلامي منها؟ •• غزة بلدي.. وهي حلم أي صحفي الآن.. فما بالك بمن ينتمون لها.. أنا أعتز بانتمائي لها جداً، ولها فضل كبير ببداياتي الإعلامية.. ساحتها تُعلم أي صحفي ومحظوظ من عمل فيها.. وبإذن الله تنتهي الحرب وأعود للتغطية في ميدانها وزيارتها.
• حققتِ الكثير خلال مسيرتك المهنية وحصلتِ على جوائز من دول عربية، وتم تكريمك على مسارح كبيرة، وما زلتِ في أوج نجاحك، وحاورتِ رؤساء وشخصيات مهمة.. ماذا يعني لك كل هذا النجاح وما وصلتِ له اليوم؟ •• يعني مسؤولية كبيرة.. النجاح مُعدٍ، وتشعر طوال الوقت أنك في تحدٍ مع نفسك وتسعى لتقديم الأفضل.. أنا ناجحة فعلاً، لكن ما زال هنالك الكثير مما أريد تحقيقه وأسعى طوال الوقت للوصول له.. أنا أشعر أنني لم أصل بعد لما أريده وأمامي الكثير أتمنى تحقيقه.
من الميدان للاستديو • ماذا عن التدريبات التي تقدمينها في ما يخص الإعلام وفنون التعامل مع الكاميرا بشكل عام؟، هل أنتِ مدرب إعلامي معتمد؟ •• نعم هذا صحيح.. أنا حاصلة على شهادة مدرب إعلامي معتمد من الأكاديمية الدولية للإعلام والفنون والإبداع من الولايات المتحدة الأمريكية IAAMC International academy of arts, media & creativity USA. وبذلت مجهوداً كبيراً بين دراسة وإعطاء دورات عديدة حتى تم اعتمادي رسمياً من قبل الأكاديمية.. وهو أمر أضاف لي وسعيت له بعد كل هذه السنوات الطويلة من الخبرة والعمل، فلا يجب أن يتكل الإعلامي على نجوميته واسمه فقط.
• من كان له الفضل الأكبر في حياتك كإعلامية، وما المرحلة المهنية التي تطمحين الوصول لها؟ •• كثيرون حقيقة.. أنا كنت محظوظة أنني عملت خلال مسيرتي مع أساتذة كبار وقامات صحفية أثروا في نضوجي ووعيي الإعلامي بشكل كبير.. الأستاذ القدير عبدالرحمن الراشد إحدى أهم الشخصيات التي يعود لها الفضل مهنياً بشكل كبير.. هو من نقلني من العمل في الميدان إلى الاستديو.. ولست أنا فقط، بل ساند كثيرين.
أما المرحلة التي أتمنى الوصول لها لا شك التميز المطلق فيما أقدم.. أن يكون تواجدي الإعلامي لا يشبه أحداً، وأن يكون لدي إرث ذو بصمة.. وأنا فعلاً لي خطي الخاص وأسلوبي وطريقتي في التقديم والحوارات مختلفة وتشبهني فقط.
• ما سر حبك الكبير للعراق، لدرجة أن هنالك من يظن أنكِ عراقية؟ •• يشرفني جداً.. وأقولها دائماً، العراق العريق كرَمني وكرّمني.. حصلت على جائزة وتم تكريمي فيها كإعلامية عربية مؤثرة.. فيما بغداد عشق كفلسطين بالنسبة لي عندما أزورها ترد فيّا الروح.. بلد ذو تاريخ عريق وأهلها كرماء جداً احتضنوني بحب كبير أوجه لهم كل التحية.
• كيف تقضين يومك الرمضاني؟ •• شهر رمضان شهر جميل جداً.. أقضيه بهدوء تام قدر المستطاع.. أستمتع بالشعائر والصلاة طوال فترة الصيام.. ومن بعدها مساء أذهب لعملي.. وفي بعض الأوقات ألبّي دعوات قليلة مع أصدقاء مقربين أو زملاء.
• ما المواقف العالقة بالذهن وعصيّة على النسيان؟ •• ذكريات كثيرة منها ما هو مفرح ومنها ما هو مؤلم.. فيما لا أنسى أول طلة لي على الشاشة.. تلك اللحظة التي أتت بالصدفة كانت نقطة التحول في حياتي كلها.. كانت لدقائق معدودة لكن رسمت مسيرتي لنحو ١٩ عاماً في الإعلام الآن.
طبق السلطة • بماذا تصفين نفسك بعد هذه المسيرة الطويلة؟ •• محاربة.. أنا محاربة بامتياز وبتوفيق رب العالمين انتصرت وتخطيت وتجاوزت الكثير مما كان صعباً وقاسياً.. وأشكر الله على كل اختبار وضعت فيه لأنه أعطاني قوة وعزيمة كبيرتين جداً.
• ما برنامجك الرمضاني من الفجر إلى السحور؟ •• الدراما.. أحب متابعة الأعمال الدرامية العميقة والجديدة التي لديها قصة مختلفة.. وأنا متابعة جيدة جداً للدراما والسينما بشكل عام.
• أي الطبخات أو الأكلات أو الأطباق تحرصين على أن تكون على مائدتك الرمضانية؟ •• أكلات أغلبها فلسطينية.. كالمقلوبة والمسخن وغيرهما.. الطبق الأساسي والأهم بالنسبة لي هو صحن السلطة مهم جداً.
وردة والعندليب وفريد • ما حكمتكِ الأثيرة؟ وبيت الشعر، واللون الذي تعشقينه؟ •• حكمتي المفضلة التي أؤمن وأعمل بها باستمرار هي: «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد».
بالنسبة للشعر أنا لست مطلعة بشكل كبير، إنما الشاعر الفلسطيني محمود درويش هو المفضل عندي.. بالذات ديوان (ونحن نحب الحياة).. تشبهني وأشعر أنها تمثلني جملته حينما قال: «ونحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً.. ونفتح باب الحديقة كي يخرج الياسمين إلى الطرقات نهاراً جميلاً.. نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً».
أما بالنسبة للوني المفضل وعشقي هو اللون (الأسود).
• هل لكِ ميول رياضية، وما فريقكِ المفضل؟ •• طبعاً من صغري وأنا في الملاعب بحكم عمل والدي لسنوات مع الفريق الأولمبي القطري.. وكنت مشتركة في كل الرياضات في مدرستي وأمثلها في الماراثون إلى أن كبرت.. والآن رياضة الركض هي المفضلة عندي.. إنما كمتابعة حقيقة لا تستهويني متابعة الفرق الرياضية بشكل عام.
• من هو مطربكِ أو مطربتكِ، وما أغنيتكِ المفضلة؟ •• الراحلة وردة الجزائرية.. أعشقها وأحب كل أغانيها.. وأنا كبرت في بيت يعشق الفن.. كنت أستيقظ على صوت أغاني عبدالحليم وفريد الأطرش ووالدتي تدندن معهما.. ووالدي كذلك.
• من تدعين للفطور معك؟ •• أنا دائرة علاقاتي ضيقة جداً.. صديقة واحدة فقط عزيزة ومقربة وهي بمثابة أخت.. وعائلتي فقط.
• هل يتراجع عدد الأصدقاء والصديقات بتقدم العمر؟ •• طبعاً.. ليس فقط بسبب العمر والنضج الذي يصل له الإنسان.. إنما بسبب المواقف والحياة التي تثبت من معك ومن عليك.. وأنا شخصية بطبيعتي انتقائية جداً.. وصعب اختراق دائرتي الضيقة أو الدخول لحياتي الشخصية لأني بطبيعتي أقدس الخصوصية.
• أي قصيدة أو رواية أو قصة توزن بماء الذهب؟ •• روايات كثيرة.. أنا خريجة آداب لغة إنجليزية، لكني من عشاق الأدب الفرنسي كذلك…
أحب جداً وتستهويني روايات الكاتبة (ايرين نيميروفسكي)، هي كاتبة وروائية روسية من أصول أوكرانية تحديداً عندما تصف وتكتب عن المرأة.. لها روايات جميلة جداً ومؤثرة.
أقرأ في المطارات • متى تكتبين في رمضان؟ •• أكتب دائماً ليس فقط في رمضان.. الكتابة بالنسبة لي نوع من تفريغ الطاقة ألجأ لها باستمرار.. وأشعر براحة كبيرة جداً حين أكتب. وأقول وأعبر عن كل ما بداخلي عن طريق الكتابة.. قبل النوم وفي أوقات الانتظار في المطارات وفي السفر، أتأمل الناس والشوارع وأخلق حوارات وأكتب باستمرار.
• أي زمن أو عصر كنت تتمنين لو أنكِ عشتِ فيه؟ •• أيام العصر الفيكتوري.. وزمن ما بعد الحرب العالمية الثانية.
الحقبتان قرأت فيهما كثيراً وتعمّقت.. أحب كل شيء فيهما.. الناس، الموضة، طبيعة الحياة، السياسة كل شيء أعشقه فيهما.. لذلك عندما أسافر أزور المتاحف وكل شيء متعلق نوعاً ما بتلك الحياة.