أظهرت دراسة ألمانية حديثة أن زيادة حجم النسيج الدهني فوق التامور – وهو الغشاء المحيط بالقلب – ترتبط بزيادة في تلف عضلة القلب بعد الإصابة بـاحتشاء عضلة القلب. وقد كشف التصوير القلبي الوعائي عن هذه العلاقة، مما يفتح الباب أمام طرق جديدة لتقييم المخاطر القلبية الوعائية.
تم تقديم هذه النتائج الهامة في مؤتمر الجمعية الأوروبية للتصوير القلبي الوعائي الذي عُقد في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري. تأتي هذه الدراسة في وقت تشكل فيه أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم، حيث تمثل حوالي ثلث الوفيات الإجمالية.
احتشاء عضلة القلب والنسيج الدهني حول القلب
يُعرف احتشاء عضلة القلب، أو النوبة القلبية، بموت جزء من عضلة القلب نتيجة انسداد في الشرايين التاجية، مما يمنع وصول الدم والأكسجين. تعتمد شدة الضرر الناتج عن احتشاء عضلة القلب بشكل كبير على حجم المنطقة المتضررة من العضلة، وهو ما يؤثر بدوره على معدلات الوفيات.
وفقًا لكلارا هاغيدورن، من مستشفى جامعة غوتنغن في ألمانيا، والتي قادت الدراسة، فإن تحديد عوامل الخطر التي تؤثر على حجم هذا التلف أمر بالغ الأهمية. يهدف البحث إلى تحديد المرضى الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة بعد النوبة القلبية.
ما هو النسيج الدهني فوق التامور؟
النسيج الدهني فوق التامور (EAT) هو طبقة من الدهون تتراكم بين عضلة القلب وبطانة القلب، وتحيط مباشرة بالشرايين التاجية. في الحالات الصحية، يلعب هذا النسيج دورًا في حماية القلب، ولكن في بعض الحالات المرضية، يمكن أن يصبح مصدرًا للالتهابات.
يفرز النسيج الدهني فوق التامور مواد التهابية يمكن أن تتسبب في ارتشاح عضلة القلب وتضييقها، مما يؤدي إلى تغييرات سلبية في هيكلها ووظيفتها. هذه العملية يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
العلاقة بين حجم النسيج الدهني وتلف عضلة القلب
أظهرت الدراسة أن زيادة حجم النسيج الدهني حول القلب ترتبط بزيادة حجم الاحتشاء، أي المنطقة المتضررة من عضلة القلب. كما ارتبطت بزيادة في حجم المناطق المعرضة للخطر، مما يشير إلى أن النسيج الدهني قد يلعب دورًا في تفاقم الضرر الناتج عن النوبة القلبية.
اعتمد الباحثون على التصوير بالرنين المغناطيسي القلبي (CMR) لتقييم حجم النسيج الدهني وتحديد مدى تلف عضلة القلب لدى 1168 مريضًا خضعوا لعمليات قسطرة قلبية بعد الإصابة باحتشاء عضلة القلب الحاد. تم تقسيم المشاركين إلى أربعة أرباع بناءً على حجم النسيج الدهني لديهم.
تشير النتائج إلى أن القياس غير الجراحي لحجم النسيج الدهني حول القلب باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي القلبي قد يكون أداة قيمة في تقييم المخاطر القلبية الوعائية، بالإضافة إلى عوامل الخطر التقليدية مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول.
الخطوات المستقبلية والبحث الإضافي
أكد الدكتور ألكسندر شولتز، المؤلف الرئيسي للدراسة من مستشفى جامعة غوتنغن، على الحاجة إلى فهم أعمق للآليات التي تربط النسيج الدهني حول القلب بتلف عضلة القلب. وأضاف أن التدخل المبكر في هذه العملية، من خلال تحديد المرضى المعرضين للخطر وتعديل تأثيرات النسيج الدهني، قد يكون ممكنًا.
من المتوقع أن تركز الدراسات المستقبلية على تحديد طرق للحد من الالتهابات الناتجة عن النسيج الدهني فوق التامور وتقليل تأثيرها على عضلة القلب. سيساعد ذلك في تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية أكثر فعالية لمرضىاحتشاء عضلة القلب وأمراض القلب الأخرى. كما أن البحث في مجال أمراض القلب و التصوير بالرنين المغناطيسي القلبي سيستمر في التطور.
يبقى تحديد ما إذا كان تقليل حجم النسيج الدهني حول القلب يمكن أن يحسن النتائج السريرية للمرضى سؤالًا مفتوحًا يتطلب مزيدًا من البحث والتحليل.













