أثار اقتراح النائب جان-فيليب تانغي، من حزب التجمّع الوطني، جدلاً واسعاً في فرنسا، حيث دعا إلى إنشاء أماكن عمل تعاونية تديرها العاملات في مجال الجنس بأنفسهن. يهدف هذا المقترح إلى تغيير جذري في طريقة التعامل مع الدعارة في فرنسا، معتبراً أن تجريم الزبائن عام 2016 زاد من المخاطر التي تواجهها هؤلاء النساء.
أعلن تانغي عن نيته تقديم مشروع قانون يتيح للعاملات في هذا المجال إدارة أعمالهن بشكل مستقل، وتحويلهن إلى “ربّات عمل” في بيئة تعاونية. يأتي هذا الاقتراح في وقت تشهد فيه فرنسا نقاشاً مستمراً حول أفضل السبل لحماية حقوق هؤلاء النساء ومكافحة الاستغلال.
تغيير مقترح في تنظيم الدعارة في فرنسا
يرى تانغي أن قانون 2016، الذي يهدف إلى مكافحة الدعارة من خلال تجريم الزبائن، قد أدى إلى نتائج عكسية، حيث دفع العاملات إلى العمل في أماكن أكثر خطورة وسرية. ووفقاً لتصريحاته أمام لجنة المالية في البرلمان، فإن هذا القانون فاقم من أوضاعهن المعيشية وزاد من تعرضهن للخطر.
ويستند تانغي في اقتراحه إلى تجربته الشخصية في العمل التطوعي مع جمعية “حافلة النساء”، حيث شاهد عن كثب المعاناة والمخاطر التي تواجهها العاملات في هذا المجال. ويؤكد أنه يهدف إلى توفير بيئة آمنة ومستقلة لهؤلاء النساء، بعيداً عن نفوذ القوادين والاستغلال.
تاريخ تنظيم الدعارة في فرنسا
كانت بيوت الدعارة موجودة في فرنسا منذ عام 1804، قبل أن يتم إغلاقها رسمياً عام 1946. وفي عام 2016، تم إلغاء قانون تجريم الاستدراج العلني واستبداله بتجريم الزبائن، مع إطلاق برنامج للخروج من الدعارة يهدف إلى تقديم الدعم الاجتماعي وإمكانية الحصول على تصريح إقامة.
ومع ذلك، يرى تانغي أن هذا البرنامج غير كافٍ، ويقترح نموذجاً جديداً يرتكز على التعاون والاستقلالية، حيث تكون العاملات هن صاحبات القرار والمسؤولية في إدارة أعمالهن.
تحديات وفرص أمام مشروع القانون
من المتوقع أن يواجه مشروع القانون انتقادات واسعة من مختلف الأطراف، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية. ويرى البعض أن إحياء نموذج “بيوت الدعارة” يتعارض مع التوجه العام في فرنسا نحو مكافحة الدعارة وحماية حقوق المرأة.
ومع ذلك، هناك أيضاً دعوات أخرى إلى تنظيم المهنة وتوفير الحماية القانونية والاجتماعية للعاملات في هذا المجال. فقد قدم النائب فيليب جوفان، من حزب الجمهوريين، مقترح قانون مماثلاً في أكتوبر 2024، يهدف إلى تأمين حقوق العاملات وضمان ظروف عمل أكثر أماناً.
ويركز مقترح جوفان على تسهيل حصول العاملات على الخدمات المصرفية وتأجير المساكن، مع الاستلهام من التجربة البلجيكية التي تعتبرها “فعالة ضد الاستغلال”. في بلجيكا، تعمل العاملات في مجال الجنس بموجب عقود عمل، بينما يظل القوادة والدعارة القسرية محظورين.
بالإضافة إلى ذلك، يثير هذا النقاش مسألة الاستغلال وضرورة مكافحة شبكات الاتجار بالبشر التي تستغل النساء في هذا المجال.
من المرجح أن يشهد هذا الموضوع جدلاً واسعاً في البرلمان الفرنسي خلال الأشهر القادمة. من المتوقع أن يتم مناقشة مشروع القانون في لجنة المالية، ومن ثم عرضه على التصويت في الجمعية الوطنية. يبقى من غير الواضح ما إذا كان المشروع سيحظى بتأييد الأغلبية، ولكن من المؤكد أنه سيثير نقاشاً هاماً حول مستقبل تنظيم الدعارة في فرنسا.













