وتتحدث بعض هذه المنشورات، لا سيما عبر منصة “إكس”، عن خطة أوروبية لاستبدال هذه الأنظمة ببدائل محلية المنشأ، في إطار سعي الاتحاد إلى تعزيز سيادته الرقمية وتقليل اعتماده على مزودي خدمات الدفع من خارج أوروبا.
وقد زعم منشورٌ باللغة الهولندية أن لاغارد تعتزم استبدال وسائل الدفع المذكورة باليورو الرقمي المرتقب إصداره عن البنك المركزي الأوروبي، إلاّ أن التصريحات المنسوبة إلى لاغارد تم اقتطاعها من سياقها الأصلي.
ويقودنا البحث عبر محرك غوغل إلى مقابلة أجرتها لاغارد مع محطة الإذاعة الأيرلندية Newstalk في 2 نيسان/ أبريل، والتي حذرت فيها من ضرورة إنهاء اعتماد أوروبا على التكنولوجيا الأمريكية والصينية. وعند الدقيقة 6:20 من المقابلة، شددت لاغارد على أهمية أن تتمتع أوروبا بالقدرة على التحكم في أنظمتها الخاصة بالمدفوعات الرقمية.
وقالت: “عندما تفكر في الأمر، ستجد أن معظم تعاملاتنا الرقمية اليوم، سواء في التجارة الإلكترونية أو في المدفوعات من شخص إلى آخر، أو عند استخدام البطاقة أو الهاتف، تعتمد كليًا على بنية تحتية غير أوروبية”.
وأضافت: “سواء كنت تستخدم بطاقة أو هاتفًا ذكيًا، فإن العملية عادة ما تتم عبر Visa أو Mastercard أو PayPal أو Alipay… ومن أين تأتي كل هذه الخدمات؟ من الولايات المتحدة أو من الصين”. وتابعت: “البنية التحتية الكاملة التي تتيح عمليات الدفع، سواء كانت عن طريق الائتمان أو الخصم، لا تزال بعيدة عن أن تكون حلاً أوروبيًا”.
وأكدت لاغارد أن هذه المسألة تمثّل نقطة ضعف، وقالت: “ينبغي علينا الحد من هذا الاعتماد والعمل على تأمين بدائل أوروبية، تحسبًا لأي ظرف طارئ.إذ لا يمكن التنبؤ بما قد تؤول إليه الأمور”.
وعند وضع تصريحاتها في السياق الكامل، يتّضح أن لاغارد لا تدعو إلى إلغاء أنظمة الدفع الأمريكية أو الصينية، بل تؤكد على ضرورة تطوير بدائل أوروبية إلى جانبها، لتعزيز السيادة الرقمية للاتحاد الأوروبي.
وقد بدأت بالفعل محاولات لتقديم بدائل أوروبية في هذا المجال، أبرزها “Wero”، وهي محفظة رقمية تتيح للمستخدمين تحويل الأموال باستخدام رقم هاتف فقط، مع تقديم خيار إرسال المدفوعات إلى مستخدمين آخرين داخل أوروبا.
وجاء إطلاق “Wero” نتيجة مبادرة المدفوعات الأوروبية (EPI)، وهي شراكة مصرفية أنشئت عام 2021 وتهدف إلى توفير خدمة دفع رقمية موحّدة للمواطنين والشركات في جميع أنحاء القارة.
وتتوفر “Wero” حاليًا في كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا، ومن المتوقع أن تنضم دول أوروبية أخرى إلى المنظومة قريبًا.
وفي هذا السياق، تواصلت منصة EuroVerify مع البنك المركزي الأوروبي الذي نفى المزاعم المتداولة عبر الإنترنت.
وقال البنك في بيان عبر البريد الإلكتروني: “البنك المركزي الأوروبي لا يدعو إلى التخلص من أنظمة الدفع التابعة لشركات مثل Visa أو Mastercard أو PayPal أو Alipay. بل نحن ندعم نظامًا متنوعًا وتنافسيًا للمدفوعات يشمل الخيارات العامة والخاصة على حد سواء”.
وأضاف البيان أن “اليورو الرقمي سيكون بمثابة خيار إضافي للمستهلكين والشركات، وليس بديلًا، بل مكمّلًا للنقد ولوسائل الدفع الرقمية الموجودة حاليًا”.
ويُذكر أن EuroVerify سبق أن فنّدت عددًا من الادعاءات المضلّلة المرتبطة باليورو الرقمي، ومنها مزاعم بأن إسبانيا ستلغي الورقة النقدية من فئة 50 يورو، أو أن دول الشمال الأوروبي تحظر التعاملات الرقمية، أو أن لاغارد تسعى إلى إلغاء النقد بحجة المساهمة في مكافحة تغير المناخ.