في ظل تسارع وتيرة الحياة وتزايد الضغوط اليومية، أصبح التوتر جزءا لا يتجزأ من واقعنا المعاصر. فبحسب تقرير صادر عام 2024، يعاني نحو 79% من سكان العالم من مستويات مختلفة من التوتر، مما يؤدي إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول في الجسم، وهو ما يعرف بـ”هرمون التوتر”. هذا الارتفاع المستمر في مستويات الكورتيزول يمكن أن يؤثر سلباً على الصحة الجسدية والنفسية، مما يجعل إدارة التوتر أمراً بالغ الأهمية.
هرمون الكورتيزول ضروري لتنظيم استجابة الجسم للضغوط والتحكم في الأيض والالتهابات ومستويات السكر في الدم، كما توضح الدكتورة إيزابيل فينيا في كتابها “حسّن أداء هرموناتك”. ومع ذلك، أدت الزيادة الملحوظة في مستويات القلق والتوتر إلى انتشار ما يسمى بـ”كوكتيل الكورتيزول” كحل سريع ورايج للتخفيف من هذه المشكلة.
ما هو كوكتيل الكورتيزول؟
“كوكتيل الكورتيزول” هو مشروب انتشر مؤخراً على منصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وإنستغرام، ويُروج له البعض كحل سحري لخفض مستويات الكورتيزول في الجسم. تتنوع وصفاته، لكنها غالباً ما تتضمن مسحوق المغنيسيوم، وماء جوز الهند، وعصير الحمضيات (الليمون أو البرتقال)، بالإضافة إلى رشة من ملح البحر، وأحياناً مياه غازية لإضافة نكهة.
يعتقد مؤيدوه أن هذا المزيج يساعد على استعادة توازن الهرمونات، وتخفيف التوتر، وزيادة الطاقة. ويرجعون ذلك إلى احتواء المكونات على فيتامين سي، والبوتاسيوم، والصوديوم، وهي عناصر ضرورية لوظائف الجسم المختلفة. ومع ذلك، يرى خبراء الصحة والتغذية أن هذه الادعاءات تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة.
الادعاءات والحقائق حول كوكتيل الكورتيزول
تشير الدراسات إلى أن تأثير كوكتيل الكورتيزول قد يكون محدوداً ولا يتجاوز الشعور بالانتعاش والترطيب الفوري. وتؤكد اختصاصية التغذية إيمي باري جونز أن هذا المشروب لا يوفر كميات كافية من المغذيات لخفض الكورتيزول بشكل ملحوظ على المدى الطويل. صحيح أن الإلكتروليتات الموجودة في ماء جوز الهند والعصائر قد تساهم في ترطيب الجسم، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة التحكم في مستويات الكورتيزول.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أخذ الحذر في الاعتبار، خاصةً بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. قد يتسبب السكر الموجود في العصائر في مشاكل لمرضى السكري، بينما قد يؤثر المغنيسيوم والبوتاسيوم على وظائف الكلى لدى بعض المرضى. لذا، يُنصح باستشارة الطبيب قبل تجربة هذا المشروب.
بدائل صحية لإدارة التوتر
بدلاً من الاعتماد على حلول سريعة وغير مثبتة، يُفضل اتباع استراتيجيات صحية لإدارة التوتر وخفض مستويات الكورتيزول، مثل:
- ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد على تحسين المزاج وتقليل التوتر.
- الحصول على قسط كاف من النوم: يعتبر النوم الجيد أساسياً لتوازن الهرمونات.
- ممارسة تقنيات الاسترخاء: مثل التأمل واليوغا.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن: غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة.
- الحد من تناول الكافيين والسكريات: يمكن أن يؤدي الإفراط في تناولهما إلى زيادة التوتر.
مستقبل أبحاث الكورتيزول والتوتر
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من الأبحاث حول تأثير العوامل المختلفة على مستويات الكورتيزول، بما في ذلك النظام الغذائي، والنشاط البدني، والتقنيات النفسية. ستركز هذه الدراسات على فهم أفضل لكيفية تنظيم الجسم للكورتيزول، وكيف يمكننا التدخل بشكل فعال لخفض مستوياته في حالات التوتر المزمن. من المهم متابعة هذه التطورات العلمية لتبني استراتيجيات إدارة التوتر الأكثر فعالية.













