تُعد استقالة النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين من الكونغرس تطوراً هاماً يعكس الانقسامات المتزايدة داخل الحزب الجمهوري، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل التيار المحافظ في الولايات المتحدة. يأتي هذا القرار بعد خلافات متصاعدة مع الرئيس دونالد ترامب، وتحديات تواجهها في تمثيل دائرتها الانتخابية.
أعلنت غرين عن استقالتها يوم 23 نوفمبر 2025، منهية بذلك فترة خدمتها التي لم تستمر سوى عام واحد من ولايتها الحالية. ويعزو مراقبون هذا الاستقالة إلى عدة عوامل، أبرزها اختلافها مع ترامب حول التعامل مع قضايا حساسة، وتوقعاتها بضعف أداء الحزب في الانتخابات المقبلة.
تحولات في المشهد السياسي للحزب الجمهوري
وفقًا لمجلس تحرير صحيفة واشنطن بوست، يمثل رحيل غرين عن الكونغرس هزّة داخل معسكر مؤيدي ترامب، مما يدل على أن الحركة لم تعد متجانسة كما كانت تبدو في السابق. بل أصبحت تعكس حالة من التشتت والانقسام على المستويات الفكرية والسياسية المختلفة.
كان الخلاف حول ملفات الملياردير جيفري إبستين نقطة الشرارة، حيث انتقدت غرين محاولات نشر هذه الملفات، وهو ما لم يرق للرئيس ترامب الذي هدد بدعم منافس لها في الانتخابات التمهيدية. هذا التهديد دفع غرين إلى إعادة تقييم مستقبلها داخل الحزب.
توقعات بمستقبل غير مستقر للحزب
تشير غرين إلى أنها لا ترى مستقبلًا واعدًا للحزب الجمهوري تحت قيادة ترامب، وتتوقع خسارة الحزب لمقاعده في مجلس النواب في وقت لاحق من العام. كما أنها أعربت عن عدم رغبتها في الاستمرار في الدفاع عن ترامب في ظل مواجهة جديدة محتملة لمحاولة عزله.
وتثير استقالة غرين تساؤلات حول التزامها تجاه ناخبي دائرتها في جورجيا، الذين انتخبوها لتمثيلهم، لكنها تركت منصبها طواعية قبل انتهاء ولايتها بوقت كبير. يثير هذا الأمر جدلاً حول مسؤولية الممثلين تجاه ممثليهم.
ومع ذلك، فقد أبدت غرين بعض الاستقلالية في آرائها ومواقفها قبل استقالتها. على سبيل المثال، دعمت تمديد إعانات قانون الرعاية الصحية المعروف باسم “أوباما كير” خلال فترة أزمة حكومية، وهو ما يعتبر خروجًا عن خط الحزب التقليدي.
إضافة إلى ذلك، أعربت عن تحفظاتها تجاه الذكاء الاصطناعي، ورفضت جهود الإدارة الحالية لتنظيم هذه التكنولوجيا. كما أنها انتقدت سياسات الإدارة في مجالات الهجرة، وإسرائيل، وأوكرانيا، وقضية الإجهاض التي أثارها الرئيس ترامب.
تباينات في السياسات الاقتصادية والخارجية
ويعتقد بعض المحللين أن أداء الرئيس ترامب في الفترة الأولى من ولايته الثانية كشف عن وجود تناقضات كبيرة في سياساته الاقتصادية والخارجية. هذه التناقضات أدت إلى انقسام في المصالح بين مختلف قطاعات القاعدة الانتخابية الجمهورية.
على سبيل المثال، يستفيد مجتمع الأعمال من التخفيضات الضريبية، لكنه يعارض الأساليب الحمائية التي يتبعها ترامب في التجارة. بالمثل، يطالب المزارعون بدعم حكومي بسبب تراجع أسواقهم، بينما ترى النقابات العمالية أن الرسوم الجمركية تضر بالعمال.
وفقًا لمراقبين، تسبب السماح للأصوات المتطرفة بالتأثير في المؤسسات المحافظة في إضعاف التيار المعتدل داخل الحزب الجمهوري.
على الرغم من ذلك، لا تستبعد غرين إمكانية عودتها إلى الساحة السياسية في المستقبل. وتدرس إمكانية إطلاق حملة للترشح للرئاسة في عام 2028، لكن فرص نجاحها تعتبر ضئيلة في الوقت الراهن.
وإذا تباطأ الاقتصاد بشكل كبير، فقد تفكر في تقديم نفسها كمرشحة مستقلة، يواجهها جيه دي فانس، نائب الرئيس الحالي.
وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن انتظار غرين حتى الخامس من يناير القادم، وهو التاريخ الذي تصبح فيه استقالتها نافذة المفعول رسميًا، يضمن لها الحصول على معاش تقاعدي مدى الحياة. هذا الأمر يُعتبر متناقضًا مع خطابها المنتقد للامتيازات الممنوحة للسياسيين.
الآن، مع اقتراب موعد إعلان غرين الرسمي لاستقالتها في يناير، سيكون من المهم مراقبة ردود الفعل داخل الحزب الجمهوري، وكيف ستؤثر هذه الخطوة على ديناميكيات الانتخابات التمهيدية القادمة، وما إذا كانت ستؤدي إلى المزيد من الانقسامات أو إلى إعادة تقييم شاملة لاستراتيجية الحزب. يبقى مستقبل السياسة الأمريكية غير واضحًا في ظل هذه التطورات.













