أدلت واشنطن بوست بدلوها فيما تتداوله وسائل إعلام عالمية عن طريقة التعامل مع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، في حين وصفتها منافذ إعلامية أخرى بأنها عدوان على الفلسطينيين وليست حربا بين طرفين.
وطرحت الصحيفة الأميركية في افتتاحيتها لهيئة التحرير اليوم أفكارا ترى أنها يمكن أن تقود إلى وقف لإطلاق النار يضع حدا لمعاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة.
وقالت إن هناك أحاديث تزداد إلحاحا عن وقف إطلاق النار في هذه الحرب، التي يشعر الناس في جميع أرجاء العالم إزاءها “بالاشمئزاز” من إزهاق أرواح المدنيين بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية كتلك التي حدثت يومي الثلاثاء والأربعاء ودمرت جزءا من مخيم جباليا في غزة.
إن أقصى ما يمكن توخيه “بتعقل” في الوقت الراهن -وفق هيئة التحرير- هو نهج أكثر محدودية يستند على وقف مؤقت للقتال بغية تقديم مساعدات إنسانية، ذلك أن هدنة آحادية الجانب وغير مشروطة من جانب إسرائيل ستتعارض مع حقها في الدفاع عن نفسها ضد حركة حماس.
وبحسب المقال الذي يعكس وجهة نظر الصحيفة، فإن ترك حماس على حالها لتتولى المسؤولية في غزة، أمر يتعذر الدفاع عنه. كما أن من غير المناسب “أخلاقيا وسياسيا” تحميل إسرائيل التبعات كلها في سقوط ضحايا مدنيين. وزعمت هيئة التحرير أن حماس نفسها “تعمدت تعريض المدنيين العُزّل للخطر باستفزازها إسرائيل عسكريا، في حين قامت بحماية قادتها ومقاتليها في الأنفاق”.
ومن الحجج التي ساقتها واشنطن بوست لوقف إطلاق النار أنه يساعد في تسهيل الإفراج عن الأسرى التي تحتجزهم حماس، فضلا عن تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
غير أنها اشترطت أن يتم ذلك بموجب تعهد من حركة حماس “يمكن التحقق منه” بإطلاق سراح جميع الأسرى لديها البالغ عددهم 240 أسيرا، وبالكف عن إطلاق الصواريخ “عشوائيا” على المدنيين الإسرائيليين.
ويتوقع معظم المحللين -كما تقول الصحيفة- أن ترفض حماس مثل هذه الشروط، ومع ذلك “يجب على الحكومات العربية وغيرها من الحكومات التي تتمتع بنفوذ” على الحركة أن تستمر بالضغط عليها حتى تقبل بها.
على أن تحميل حماس تبعات ما حدث لا يعفي إسرائيل من المسؤولية عن بذل كل ما في وسعها للحيلولة دون سقوط ضحايا من المدنيين، وتخفيف وطأة الأزمة الإنسانية في غزة، بحسب الافتتاحية.
وقد لا يكون وقف إطلاق النار مطروحا الآن -كما تشير الصحيفة- إلا أن الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن كانا “محقين” عندما حثا على إنشاء مناطق آمنة في جنوب غزة يلجأ إليها الفارون من القتال.
ونصحت واشنطن بوست كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن يوضحوا للعالم أن أهداف حربهم “لا تشمل إعادة احتلال قطاع غزة أو طرد سكانها، وأن الفلسطينيين ليسوا أعداءها بشكل عام، بل حماس فقط”. ويتعين على إسرائيل كذلك أن “تحتوي سريعا أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وبعد كل ما ذكرت آنفا، فإن الصحيفة تقر بأن هزيمة حماس ليست مضمونة وغير كافية لتحقيق السلام الدائم، فلا بد -برأيها- أن يوضع حد لشبكة أنفاقها، و “للحصار” المصري الإسرائيلي على غزة.
وتأتي بعد ذلك -إن عاجلا وإن آجلا- دبلوماسية جادة تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية “تعيش في سلام جنبا إلى جانب مع إسرائيل”، على حد تعبير الصحيفة.