انتقدت الولايات المتحدة الأمريكية رواندا بشدة، متهمة إياها بتصعيد التوترات وعدم الاستقرار في منطقة شرق الكونغو الديمقراطية، وذلك بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق بين البلدين في واشنطن. يأتي هذا الانتقاد في ظل اتهامات لرواندا بدعم حركة “إم 23” المسلحة، مما يثير مخاوف متزايدة بشأن اندلاع صراع إقليمي أوسع. هذه التطورات تلقي بظلالها على جهود السلام في المنطقة وتزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية والأمنية.
صرح السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، أن رواندا بدلاً من المساهمة في السلام، تعمل على جر المنطقة إلى المزيد من الحرب وعدم الاستقرار. وأضاف أن رواندا قامت بنشر أعداد كبيرة من الصواريخ والأسلحة الثقيلة في شمال وجنوب كيفو لدعم حركة “إم 23″، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي.
النزاع في الكونغو الديمقراطية وتأثيره الإقليمي
تأتي هذه الاتهامات في أعقاب سيطرة مسلحي حركة “إم 23” على مدينة أوفيرا الاستراتيجية في إقليم جنوب كيفو الكونغولي. تعتبر أوفيرا ذات أهمية كبيرة نظرًا لموقعها على ضفاف بحيرة تانغانيقا وقربها من الحدود مع بوروندي، مما يجعلها نقطة عبور حيوية للمقاتلين والإمدادات.
وفقًا لمصادر في الأمم المتحدة، هناك معلومات موثوقة تشير إلى زيادة استخدام الطائرات المسيرة الانتحارية والمدفعية من قبل “إم 23” ورواندا، بما في ذلك تنفيذ ضربات داخل الأراضي البوروندية. هذا التصعيد يثير مخاوف جدية بشأن توسع نطاق الصراع وتأثيره على الدول المجاورة.
قلق دولي وتصعيد التوترات
أعرب مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، جان بيار لاكروا، عن قلقه البالغ من أن هذا الهجوم الجديد قد يؤدي إلى “انفجار إقليمي” لا يمكن التنبؤ بعواقبه. وحذر من أن التدخل المباشر أو غير المباشر لقوات ومجموعات مسلحة من دول مجاورة، بالإضافة إلى حركة اللاجئين والمقاتلين عبر الحدود، يزيد بشكل كبير من خطر التصعيد.
في المقابل، اتهم سفير بوروندي لدى الأمم المتحدة، زيفيرين مانيراتانغا، رواندا بقصف أراضي بلاده، مؤكدًا حق بوروندي في الدفاع عن نفسها. وأضاف أن بلاده تحتفظ بحقها في الرد على أي اعتداء، مما يزيد من حدة التوترات بين البلدين.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
نفت رواندا أي نية لخوض حرب في بوروندي، واتهمت كلا من بوجمبورا وكينشاسا بانتهاك وقف إطلاق النار. من جانبها، انتقدت وزيرة الخارجية الكونغولية، تيريز واغنر، عدم اتخاذ مجلس الأمن الدولي تدابير ملموسة ضد رواندا، مشيرة إلى أن القرارات السابقة لم تسفر عن أي نتائج ملموسة على الأرض.
وأكدت واغنر أن الوضع الإنساني في الكونغو الديمقراطية يتدهور بسرعة، وأن آلاف العائلات نزحت بسبب القتال، وتعرضت للقتل والاغتصاب والترهيب. وتطالب الحكومة الكونغولية بمزيد من الدعم الدولي لحماية المدنيين وضمان الاستقرار في المنطقة.
مستقبل الأزمة والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار
تتجه الأنظار الآن نحو مجلس الأمن الدولي، حيث يتم بحث مشروع قرار فرنسي يهدف إلى تمكين قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية من لعب دور أكثر فعالية في مراقبة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا القرار سيحظى بتأييد جميع أعضاء المجلس.
من المتوقع أن تستمر التوترات في المنطقة في التصاعد في المدى القصير، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل يعالج الأسباب الجذرية للصراع. ويجب على جميع الأطراف المعنية الالتزام بوقف إطلاق النار والعمل على إيجاد حل سلمي يحترم سيادة الكونغو الديمقراطية ويضمن الأمن والاستقرار الإقليمي. المراقبة الدقيقة لتطورات الأوضاع على الأرض، وخاصةً تحركات حركة “إم 23” والقوات الرواندية، ستكون حاسمة في تقييم مسار الأزمة في الأشهر القادمة.













