اكتشف باحثون نوعًا جديدًا من وحيد القرن المنقرض في أقصى شمال كندا، داخل رواسب بحيرة قديمة في فوهة “هوجتون” بجزيرة ديفون في إقليم نونافوت. هذا الاكتشاف يضيف فصلًا جديدًا إلى فهمنا لتاريخ وحيد القرن وتوزيعه الجغرافي عبر الزمن، ويوفر رؤى حول الهجرة القديمة للثدييات.
الهيكل العظمي شبه الكامل، الذي عثر عليه في موقع غني بالأحافير، يمثل أقدم وحيد قرن معروف في هذه المنطقة القطبية، ويجعله النوع الأكثر وجودًا شمالًا بين وحيدات القرن المعروفة حتى الآن. ويعود تاريخ هذا النوع إلى العصر الميوسيني المبكر، أي قبل حوالي 23 مليون سنة.
عائلة وحيدات القرن المدهشة
يمتد تاريخ وحيدات القرن على أكثر من 40 مليون سنة، حيث سكنت هذه المخلوقات معظم القارات باستثناء أمريكا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية. تطورت أنواع مختلفة من وحيدات القرن لتتكيف مع بيئات متنوعة، لكن وجودها في المناطق القطبية كان غير واضح حتى هذا الاكتشاف.
أطلق الباحثون على هذا النوع الجديد اسم “إيبيثيراسيريوم إيت جي لوك”، وهو الاسم الذي يعكس الارتباط بالبيئة القطبية الباردة. وقد نشرت الدراسة التي تصف هذا النوع الجديد في مجلة “نيتشر-إيكولوجي وإيفولوشن” في 28 أكتوبر/تشرين الأول.
اكتشاف يوفر معلومات جديدة عن الهجرة التاريخية
توضح دانييل فريزر، المؤلفة الرئيسية والرئيسة لقسم علم الأحياء القديمة في المتحف الكندي للطبيعة، أن هذا الاكتشاف يضيف قيمة كبيرة إلى شجرة عائلة وحيدات القرن. تشير إلى أن السجل الأحفوري يظهر وجود أكثر من 50 نوعًا من وحيدات القرن، وأن هذا النوع القطبي الجديد يمنحنا فهمًا أعمق لتاريخهم.
وتظهر الدراسة أيضًا أن وحيد القرن القطبي الجديد أقرب إلى الأنواع الأوروبية التي ازدهرت قبل ملايين السنين. هذا يشير إلى أن أجداد هذا النوع ربما وصلوا إلى أمريكا الشمالية عبر جسر يابسة شمال الأطلسي، مروراً بجزيرة غرينلاند.
تحليل الأحافير يكشف أن “إيت جي لوك” كان حيوانًا صغيرًا نسبيًا ورشيقًا، يقارب في حجمه وحيد القرن الهندي المعاصر، ولكنه كان يفتقر إلى القرن. وتشير علامات التآكل الموجودة على أضراسه إلى أنه كان في مقتبل العمر عند وفاته.
الأمر المثير للاهتمام هو أن الفريق البحثي تمكن من استعادة بروتينات جزئية ذات قيمة علمية من مينا أسنان هذا الفرد. هذه التقنية الجديدة توسع الإطار الزمني لاستعادة المعلومات البيولوجية الهامة من الأحافير القديمة.
الأهمية الجغرافية للاكتشاف
بالإضافة إلى ذلك، يقدم هذا الاكتشاف معلومات جديدة حول الجغرافيا الحيوية لتطور وحيدات القرن. من خلال تحليل توزيع الأنواع المختلفة، تمكن الباحثون من إعادة بناء مسارات الهجرة المحتملة بين أوروبا وأمريكا الشمالية عبر شمال الأطلسي.
تشير النتائج إلى أن ممر شمال الأطلسي ظل صالحًا لهجرة الثدييات لفترة أطول بكثير مما كان يعتقد سابقًا. ربما ظل هذا الممر مفتوحًا حتى العصر الميوسيني، مما يسمح بتبادل الأنواع بين القارتين. و بذلك يؤكد الاكتشاف أهمية فوهة هوجتون كمنطقة فريدة لحفظ الأحافير.
في المستقبل، يخطط الفريق لمواصلة دراسة الأحافير الأخرى التي تم العثور عليها في فوهة هوجتون. يهدفون إلى استعادة المزيد من المعلومات عن الحمض النووي والبروتينات من هذه الأحافير، مما قد يساعد في كشف المزيد من الأسرار حول تاريخ وحيدات القرن وتطورها. من المرجح أن يستمر البحث في هذا المجال في إلقاء الضوء على الهجرات القديمة للحيوانات وتكيفها مع البيئات المتغيرة، مع التركيز على التنوع الحيوي في الماضي.













