كشف وزير المالية السوري محمد يسر برنية عن حزمة جديدة من الإعفاءات والحوافز الحكومية المصممة لدعم إعادة تأهيل المصانع المتضررة أو المدمرة في البلاد. تهدف هذه الخطوة إلى تسريع عملية إحياء القطاع الصناعي، الذي يعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد السوري، وتوفير فرص عمل جديدة. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه الصناعة السورية محاولات للتعافي بعد سنوات من الحرب والركود.
وأكد الوزير برنية، في تصريحات لوكالة الأنباء السورية (سنا)، أن الحكومة تولي أولوية قصوى لعودة عجلة الإنتاج في المنشآت الصناعية، مشيراً إلى الأثر المباشر لهذا القطاع على النمو الاقتصادي وتوظيف العمالة المحلية. وتأتي هذه الإجراءات في إطار خطة أوسع لتعزيز القطاع الخاص ودعم جهود التنمية المستدامة.
أهمية دعم الصناعة السورية
يواجه القطاع الصناعي السوري تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص التمويل، وتدهور البنية التحتية، وصعوبة الحصول على المواد الخام. ومع ذلك، يعتبر هذا القطاع حيوياً لتنويع مصادر الدخل القومي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. وفقًا لتقديرات وزارة الاقتصاد، ساهم القطاع الصناعي بنحو 29% من الناتج المحلي الإجمالي قبل اندلاع الأزمة السورية.
تفاصيل الحوافز والإعفاءات
لم يكشف الوزير برنية عن تفاصيل دقيقة للحوافز والإعفاءات، لكنه أوضح أنها ستشمل تسهيلات ضريبية، وإعفاءات من الرسوم الجمركية على المواد الخام والآلات والمعدات، بالإضافة إلى دعم مالي مباشر للمصانع المتضررة. وتشير مصادر حكومية إلى أن هذه الحوافز ستكون متاحة للمصانع التي تبدأ في إعادة التأهيل أو التوسع خلال العام القادم.
بالإضافة إلى ذلك، أكد الوزير على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في عملية إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى إلى خلق بيئة استثمارية جاذبة تشجع رواد الأعمال على الاستثمار في الصناعات المختلفة. وتشمل هذه البيئة تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الخدمات الأساسية للمستثمرين.
وتأتي هذه الخطوات بالتزامن مع جهود أخرى تبذلها الحكومة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعتبر محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. وتشمل هذه الجهود توفير قروض ميسرة وبرامج تدريبية للمستثمرين ورواد الأعمال.
كما أشار الوزير إلى أن النظام الضريبي الجديد يهدف إلى دعم الصناعة، وليس إثقال كاهلها. ويشمل النظام إعفاءات خاصة بالصناعات المتضررة، بالإضافة إلى تخفيضات في الضرائب على الأرباح المستثمرة في تطوير المصانع وزيادة الإنتاج.
تشير التقارير إلى عودة أكثر من ألف خط إنتاج للعمل في الأشهر الأخيرة، مما يعكس بداية التعافي في القطاع الصناعي. وتشمل هذه الخطوط إنتاجية في مجالات متنوعة مثل الأغذية والمنسوجات والمواد الكيميائية.
ومع ذلك، لا يزال القطاع الصناعي السوري يعاني من آثار الحرب، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 70% من المنشآت الصناعية تعرضت للتدمير أو التوقف خلال السنوات الماضية. وقد انخفض عدد المنشآت الصناعية من حوالي 130 ألف منشأة قبل عام 2011 إلى ما يقارب 70 ألف منشأة حالياً. وتشير التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الإنتاج إلى أن إعادة تأهيل المصانع يتطلب جهوداً متواصلة ودعماً حكومياً كبيراً.
وتعتبر قضية التمويل من أهم التحديات التي تواجه الصناعيين السوريين، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على قروض من البنوك والمؤسسات المالية. وتسعى الحكومة إلى إيجاد حلول لهذه المشكلة من خلال توفير قروض ميسرة وضمانات ائتمانية للمصانع المتضررة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى القطاع الصناعي.
من المتوقع أن تعلن وزارة المالية عن تفاصيل الحوافز والإعفاءات الجديدة خلال الأسابيع القليلة القادمة. وسيكون من المهم مراقبة مدى فعالية هذه الإجراءات في تحفيز الاستثمار في القطاع الصناعي وتسريع عملية التعافي الاقتصادي. كما يجب متابعة تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، والتي قد تؤثر على جهود إعادة الإعمار والتنمية. وتعتبر زيادة الصادرات وتنويع الأسواق المستهدفة من الأمور الأساسية لضمان استدامة النمو الصناعي في سوريا.













