أكد وزير النقل والخدمات اللوجستية، صالح الجاسر، خلال ملتقى ميزانية السعودية 2026، على التزام المملكة بتحويل نفسها إلى مركز لوجستي عالمي رائد. وأضاف الوزير أن هذا التحول يرتكز على رؤية طموحة تهدف إلى تطوير منظومة نقل متكاملة وفعالة، مع التركيز على دور القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو. وتأتي هذه التصريحات في إطار جهود المملكة لتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها التجارية الدولية، مع إعطاء أولوية قصوى لتطوير الخدمات اللوجستية.
أشار الجاسر إلى أن قطاع النقل يشهد حاليًا نموًا ملحوظًا، مدعومًا بمؤشرات دولية إيجابية. وقد تعهد القطاع الخاص باستثمارات تتجاوز 280 مليار ريال سعودي منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، وتشمل هذه الاستثمارات مجالات متنوعة مثل الطيران، والنقل البحري، والسككي، والبري. وتعكس هذه الاستثمارات ثقة القطاع الخاص في مستقبل القطاع وقدرته على تحقيق عوائد مجدية.
تطوير البنية التحتية اللوجستية في المملكة
تعتبر استراتيجية النقل والخدمات اللوجستية جزءًا لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية ولوجستية عالمية. وتشمل الاستراتيجية تطوير البنية التحتية للنقل، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع.
دور القطاع الخاص في الاستثمارات
أكد وزير النقل أن القطاع الخاص يلعب دورًا محوريًا في تنفيذ هذه الاستراتيجية. فقد تعهد القطاع الخاص باستثمارات ضخمة في مختلف مجالات النقل، مما يعكس التزامه بدعم جهود الحكومة في تطوير القطاع. وتشمل هذه الاستثمارات بناء وتحديث المطارات والموانئ، وتطوير شبكات الطرق والسكك الحديدية، وتحسين خدمات النقل البري والبحري.
مبادرات نوعية في قطاع الطرق
أوضح الجاسر أن هناك مبادرات نوعية قيد التنفيذ في قطاع الطرق، بالتكامل مع المركز الوطني للتخصيص. تهدف هذه المبادرات إلى تحسين جودة الطرق، وزيادة كفاءة النقل، وتقليل الازدحام المروري. وتشمل هذه المبادرات مشاريع توسعة للطرق القائمة، وبناء طرق جديدة، وتطبيق تقنيات ذكية لإدارة حركة المرور.
بالإضافة إلى ذلك، تولي المملكة اهتمامًا كبيرًا بتطوير الخدمات اللوجستية المتكاملة، والتي تشمل خدمات التخزين والتوزيع والشحن والتخليص الجمركي. وتهدف هذه الجهود إلى تسهيل حركة التجارة، وتقليل التكاليف، وتحسين سرعة التسليم. وتشمل المبادرات في هذا المجال إنشاء مناطق لوجستية متكاملة، وتطوير أنظمة معلومات لوجستية متقدمة، وتدريب الكوادر الوطنية على أحدث التقنيات.
وتشير البيانات إلى أن قطاع النقل والخدمات اللوجستية يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. ووفقًا لتقارير حديثة، يمثل القطاع حوالي 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل لأكثر من 600 ألف شخص. وتتوقع الحكومة أن يزداد هذا المساهمة في السنوات القادمة، مع استمرار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
كما تهدف الاستراتيجية إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي للنقل والخدمات اللوجستية، من خلال الاستفادة من موقعها الجغرافي المتميز، وتطوير شبكات النقل المتكاملة، وتقديم خدمات لوجستية عالية الجودة. وتسعى المملكة إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع النقل، من خلال توفير بيئة استثمارية جاذبة، وتقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين.
وتشمل ميزانية العام المقبل مبادرات تدعم استمرار تنفيذ الاستراتيجية وتعزز التحول الإيجابي وخلق الفرص الجديدة، وفقًا لتصريحات الوزير. وتأتي هذه المبادرات في وقت تشهد فيه التجارة العالمية تحولات كبيرة، مما يتطلب من المملكة أن تكون مستعدة لمواجهة هذه التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة. وتشمل هذه التحولات نمو التجارة الإلكترونية، وزيادة الطلب على الخدمات اللوجستية المتخصصة، وتطور تقنيات النقل الذكية.
ويبقى التحدي الأكبر أمام المملكة هو تحقيق التكامل بين مختلف وسائل النقل، وتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا التكامل. ويتطلب ذلك تنسيقًا وثيقًا بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة المعنية بقطاع النقل. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المملكة الاستمرار في الاستثمار في تطوير الكوادر الوطنية المؤهلة، وتوفير التدريب اللازم لهم على أحدث التقنيات والمهارات.
من المتوقع أن تعلن وزارة النقل والخدمات اللوجستية عن تفاصيل إضافية حول المبادرات الجديدة التي ستتضمنها ميزانية العام المقبل في الأسابيع القادمة. كما ستواصل الوزارة العمل مع القطاع الخاص لتحديد الفرص الاستثمارية المتاحة، وتشجيعهم على الاستثمار في القطاع. وستراقب الوزارة عن كثب التطورات في التجارة العالمية، وتعمل على تكييف استراتيجيتها لتلبية الاحتياجات المتغيرة للسوق. وتعتبر متابعة مؤشرات الأداء الرئيسية للقطاع، مثل حجم البضائع المنقولة، وعدد المسافرين، وتكاليف النقل، أمرًا بالغ الأهمية لتقييم مدى نجاح الاستراتيجية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
تعتبر الاستراتيجية الوطنية للنقل حجر الزاوية في جهود المملكة لتطوير قطاع الخدمات اللوجستية، وتحقيق رؤيتها الطموحة بأن تصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا. كما أن تطوير شبكات النقل وتقديم حلول لوجستية مبتكرة سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.













