لم يعد استعراض الفعاليات الثقافية لعام 2025 مجرد تذكير بالأحداث التي مضت، بل هو فرصة للتأمل في التنوع الإنساني والاحتفاء بالإبداع الذي شهدته مختلف أنحاء العالم. فقد كان العام حافلاً بمناسبات ثقافية متنوعة، بدءًا من الأيام المخصصة لتكريم الرموز الأدبية وصولًا إلى الاحتفالات بالتراث والفنون الشعبية، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بتعزيز الحوار الثقافي والتواصل بين الشعوب.
شهدت المملكة العربية السعودية جزءًا كبيرًا من هذا الحراك الثقافي، من خلال استضافتها لمعارض الكتب والمهرجانات المتخصصة، بالإضافة إلى الاحتفاء بالمناسبات العالمية والمحلية. وقد ساهمت هذه الفعاليات في إثراء المشهد الثقافي وتعزيز مكانة المملكة كوجهة ثقافية بارزة على الخريطة العالمية. كما شهد العام رحيل نخبة من المثقفين والأدباء الذين تركوا بصمة واضحة في مسيرة الثقافة العربية.
أبرز المحطات الثقافية في عام 2025
يناير: تكريم الرواد والاحتفاء باللغة
بدأ العام الميلادي 2025 بتخليد ذكرى لويس برايل، مخترع نظام الكتابة للمكفوفين، في الرابع من يناير، وهو يوم يحتفل به العالم أجمع تقديرًا لهذا الإنجاز الإنساني. كما استضافت القاهرة فعاليات معرض الكتاب الشهير، الذي يعتبر من أهم التظاهرات الثقافية في المنطقة العربية. وفي اسكتلندا، أُحيي ذكرى الشاعر الوطني روبرت بيرنز، صاحب قصيدة “الوداع” التي تُغنى في جميع أنحاء العالم في ليلة رأس السنة.
فبراير: الأخوة الإنسانية والتراث الغذائي
شهد شهر فبراير احتفالات بيوم الأخوة الإنسانية، الذي يهدف إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين جميع أفراد المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، تم الاحتفاء بيوم الفاو للأغذية، الذي يسلط الضوء على أهمية الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة. وفي المملكة، حقق معرض كتاب جازان نجاحًا ملحوظًا، مما يؤكد الاهتمام المتزايد بالقراءة والثقافة في مختلف مناطق المملكة.
مارس: المساواة والاحتفاء بالإبداع
احتفل العالم في شهر مارس بيوم الانعدام التام للتمييز بين البشر، ويوم المرأة العالمي، ويوم السعادة. كما استضافت المملكة حفل توزيع جوائز الملك فيصل العالمية، التي تكرم المتميزين في مجالات مختلفة مثل خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية والأدب، والطب، والعلوم. ولفت انتباه الكثيرين حجب جائزة اللغة العربية والأدب للعام الثاني على التوالي، بسبب عدم استيفاء الأعمال المرشحة لمعايير الجائزة.
أبريل: الضمير الحي وحقوق المؤلف
أكدت الأمم المتحدة على أهمية الضمير الحي في بناء مجتمعات يسودها السلام والعدل، وذلك من خلال إعلان يوم 5 أبريل يومًا دوليًا للضمير الحي. كما احتفل العالم بيوم الكتاب وحقوق المؤلف، الذي يهدف إلى حماية حقوق المؤلفين وتشجيع الإبداع الأدبي. وشهد هذا الشهر إعلان الفائزين بجائزة الشيخ زايد، التي تعتبر من أبرز الجوائز الأدبية في العالم العربي.
مايو: حرية الصحافة والتنوع الثقافي
يستعيد العالم في الثالث من مايو أهمية حرية الصحافة ودورها في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أُقيم معرض الدوحة للكتاب، الذي استقطب جمهورًا واسعًا من القراء والمثقفين. واحتفل العالم باليوم العالمي للمتاحف، وباليوم العالمي للتنوع الثقافي، وباليوم العالمي للشاي، مما يعكس التنوع الثقافي والاجتماعي الذي يزخر به عالمنا.
يونيو: البيئة والموسيقى
ركز شهر يونيو على قضايا البيئة والاستدامة، من خلال الاحتفال بيوم البيئة. كما أُقيمت مهرجانات الموسيقى في مختلف أنحاء العالم، احتفالًا ببدء فصل الصيف. وشهد هذا الشهر أيضًا فعاليات تهدف إلى تعزيز الحوار بين الحضارات.
يوليو: الأمل واستكشاف الفضاء
احتفل العالم بيوم الأمل، الذي يذكرنا بأهمية التفاؤل والإيمان بمستقبل أفضل. كما أُحييت ذكرى هبوط أبولو 11 على سطح القمر، وهو إنجاز تاريخي يمثل قمة الإبداع البشري في مجال استكشاف الفضاء.
تأثير الفعاليات الثقافية وتوقعات المستقبل
إن هذه الفعاليات الثقافية لم تساهم فقط في إثراء المشهد الثقافي، بل لعبت أيضًا دورًا هامًا في تعزيز التبادل الثقافي والتواصل بين الشعوب. كما ساهمت في دعم الإبداع الأدبي والفني، وتشجيع القراءة والمعرفة.
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من الفعاليات الثقافية المتنوعة، التي تعكس الاهتمام المتزايد بالتراث والثقافة والهوية. كما من المتوقع أن تستمر المملكة العربية السعودية في لعب دور ريادي في هذا المجال، من خلال استضافتها لمزيد من المهرجانات والمعارض الثقافية. ويظل مستقبل الثقافة العربية والعالمية رهنًا بالاستثمار في الإبداع وتشجيع الحوار والتواصل بين مختلف الثقافات.
وفي الختام، لا يزال المشهد الثقافي يفتقد إلى شخصيات لامعة مثل الدكتور سعيد السريحي، الذي نتمنى له الشفاء العاجل والعودة إلى منصة العطاء. كما نود أن نذكر بأسماء الراحلين من الرواد الذين تركوا بصمة لا تُمحى في مسيرة الثقافة العربية.











