حققت ثلاث طالبات من القدس إنجازاً علمياً بارزاً بنشر أوراق بحثية متخصصة في مجال علم الأعصاب والدماغ، مما يضع فلسطين في مصاف الدول الرائدة في هذا المجال. هذا الإنجاز، الذي تم الإعلان عنه في ندوة بحثية بفندق نوتردام، يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز البحث العلمي وتشجيع الطالبات على التفوق في المجالات العلمية والتكنولوجية. وشكلت مدرسة راهبات الوردية الثانوية، الرائدة في تبني البحث العلمي، منصة انطلاق لهؤلاء الشابات الموهوبات.
جاء هذا الإنجاز من خلال مشاركة ريماس سيّد وتيا أبو سنينة وجنى قطب في إعداد ونشر أبحاثهن في مجلة “فرونتيرز للعقول الشابة”، وهي مجلة أكاديمية عالمية مرموقة. يمثل هذا الإنجاز سابقة في المنطقة، حيث أصبحن أول ثلاث طالبات في الشرق الأوسط ينشرن أبحاثاً علمية في مجال علم الأعصاب والدماغ وهن لا يزلن على مقاعد الدراسة.
علم الأعصاب والدماغ: إنجاز طلابي فلسطيني عالمي
ركزت الورقة البحثية التي شاركت فيها ريماس سيّد وتيا أبو سنينة على تأثير زيت اللافندر على مستقبلات “إيه إم بي إيه” (AMPA) في الدماغ. وكشفت الدراسة أن زيت اللافندر قد يساعد في إبقاء هذه المستقبلات، المسؤولة عن نقل الإشارات الكهربائية بين الخلايا العصبية، مفتوحة لفترة أطول دون التسبب في أي ضرر. ووفقاً للباحثات، قد يساهم هذا الاكتشاف في تطوير علاجات لاضطرابات الدماغ في المستقبل.
أما جنى قطب، فقد شاركت في دراسة بحثية أخرى تناولت دور حمض الليبويك في حماية الروابط بين خلايا الدماغ. أظهرت نتائج الدراسة أن إضافة حمض الليبويك إلى الخلايا المحتوية على مستقبلات “إيه إم بي إيه” يؤدي إلى إبقاء هذه المستقبلات مفتوحة لفترة أطول، مما قد يمنع تلف الخلايا العصبية. ويشير الباحثون إلى أن هذا الحمض قد يكون له تأثير إيجابي في علاج أمراض الدماغ المختلفة.
الإشراف العلمي والبيئة الداعمة
أشرف على هاتين الورقتين البحثيتين الدكتور محمد قنيبي، مؤسس ومدير مركز علم الأعصاب الفلسطيني (نيوروبال) البحثي والتعليمي. وقد أكد الدكتور قنيبي على أهمية توفير بيئة داعمة للبحث العلمي وتشجيع الطلاب على استكشاف مجالات جديدة. يهدف المركز إلى تعزيز الابتكار العلمي وتطوير الكفاءات الفلسطينية في علم الأعصاب.
وأعربت الطالبات عن امتنانهن للدكتور قنيبي على توجيهه ودعمه المستمر، مشيرات إلى أن تجربتهن في البحث العلمي قد ساعدتهن على تطوير مهاراتهن في التفكير النقدي وحل المشكلات. بالإضافة إلى ذلك، فقد اكتسبن ثقة أكبر بأنفسهن وقدراتهن.
وقد حظيت الطالبات بتكريم خاص خلال الندوة البحثية التي أقيمت في فندق نوتردام، بحضور ممثلين عن جهات دبلوماسية وأطباء متخصصين. تم التأكيد على أهمية هذا الإنجاز في تعزيز مكانة فلسطين على الخريطة العلمية العالمية.
تأثير البحث العلمي على المسار الأكاديمي والمهني
أكدت ريماس سيّد، الخريجة حديثاً التي تواصل دراستها في فرنسا في مجال علم الأعصاب، أن المشاركة في البحث العلمي قد منحتها مهارات أساسية مثل الانضباط والمثابرة والتفكير النقدي، مما ساعدها على التفوق في دراستها والحصول على مرتبة متقدمة في الثانوية العامة. وأضافت أن هذه المهارات ستكون حاسمة في مسيرتها الأكاديمية والمهنية.
وشاركت تيا أبو سنينة وجنى قطب في التأكيد على أن هذه التجربة قد غيرت مسار حياتهن وألهبتهن بالشغف بالعلم والبحث. وأعربن عن رغبتهن في مواصلة دراستهن في المجالات العلمية والمساهمة في تطوير المجتمع.
يشكل هذا الإنجاز دليلاً على الإمكانات الكامنة لدى الطلاب الفلسطينيين في مجال البحث العلمي، ويدعو إلى زيادة الاستثمار في هذا المجال وتوفير المزيد من الفرص للشباب الموهوبين. ويتوقع أن يشجع هذا الإنجاز المزيد من الطلاب على الانخراط في الأبحاث العلمية والمساهمة في تطوير المعرفة.
من المتوقع أن يستمر مركز علم الأعصاب الفلسطيني في دعم الطلاب وتشجيعهم على البحث العلمي، وأن يسعى إلى إقامة المزيد من الشراكات مع المؤسسات العلمية والأكاديمية المحلية والدولية. ومن المرتقب أيضاً أن يتم تنظيم المزيد من الندوات والمؤتمرات لتبادل الخبرات والمعرفة في مجالات علم الأعصاب والدماغ، الأمر الذي سيساهم في تطوير هذا المجال الحيوي في فلسطين.













