بعد أكثر من 20 عامًا على تأسيسها، تستعد شركة “سبيس إكس” (SpaceX) المملوكة للملياردير إيلون ماسك، لطرح أسهمها للاكتتاب العام، وهو ما يثير اهتمامًا واسعًا في الأسواق المالية العالمية. هذه الخطوة، التي قد تتم في أواخر العام المقبل أو أوائل العام التالي، تهدف إلى تمويل برامج الذكاء الاصطناعي الطموحة في مجال استكشاف الفضاء، ومن المتوقع أن يكون هذا الاكتتاب العام الأكبر في تاريخ البورصة.
أعلن ماسك، يوم الأربعاء الماضي، عن رغبته في طرح أسهم الشركة في البورصة، وذلك بهدف الحصول على التمويل اللازم لتطوير مشاريع الذكاء الاصطناعي التي تدعم استكشاف الفضاء. ويأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه قطاع الفضاء نموًا متسارعًا، مدفوعًا بالتقدم التكنولوجي وزيادة الاستثمارات، مما يجعل توقيت الاكتتاب العام استراتيجيًا للغاية.
ماذا يعني اكتتاب أسهم شركة سبيس إكس (SpaceX)؟
تملك شركة سبيس إكس حاليًا إيلون ماسك، بالإضافة إلى استثماراته في “تسلا” (Tesla) و”إكس إيه آي” (xAI) والعديد من صناديق الاستثمار الأخرى. تشارك شركة “ألفابيت” (Alphabet)، الشركة الأم لغوغل، أيضًا في ملكية شركة الفضاء، وهذا يبرز الثقة الكبيرة التي تحظى بها الشركة من قبل كبرى الشركات التكنولوجية.
من خلال طرح أسهمها للتداول العام، ستتمكن سبيس إكس من جذب شريحة أوسع من المستثمرين، الأمر الذي سيعزز من قدرتها على النمو والتوسع. بالإضافة إلى ذلك، سيتيح الاكتتاب العام للمساهمين الحاليين فرصة لبيع حصصهم وتحقيق أرباح كبيرة، خاصةً مع القيمة المتزايدة للشركة.
تشير التقديرات إلى أن عملية الاكتتاب العام قد تدر ما يصل إلى 30 مليار دولار، وهو رقم قياسي يتجاوز بكثير المبلغ الذي جمعته الشركة منذ تأسيسها، والذي يبلغ حوالي 10 مليارات دولار، وفقًا لمنصة “بيتشبوك” (Pitchbook) المتخصصة.
القيمة السوقية المتوقعة
مع هذا التمويل الإضافي، من المتوقع أن ترتفع القيمة الإجمالية لشركة سبيس إكس إلى 1.5 تريليون دولار. هذا التقييم يعكس الإمكانات الهائلة للشركة في قطاع الفضاء، بالإضافة إلى ريادتها في تطوير تقنيات جديدة مثل الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام وشبكة الأقمار الصناعية “ستارلينك”.
النمو والإيرادات في قطاع الفضاء
يأتي هذا الطرح في ظل طفرة ملحوظة يشهدها قطاع الفضاء العالمي. تتوقع شركة ماكينزي الاستشارية والمنتدى الاقتصادي العالمي أن يتضاعف حجم هذا القطاع ثلاث مرات بحلول عام 2035، ليصل إلى 630 مليار دولار في عام 2023.
تحظى سبيس إكس بمكانة فريدة في هذا القطاع، حيث تهيمن على سوق العمليات الفضائية بفضل صواريخها المتطورة القابلة لإعادة الاستخدام. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الشركة أكبر مجموعة من الأقمار الصناعية عبر شبكة ستارلينك، التي توفر خدمات الإنترنت عريضة النطاق في جميع أنحاء العالم.
ويرى المراقبون أن نجاح سبيس إكس يعود أيضًا إلى رؤية وطموحات مؤسسها إيلون ماسك. فقد تمكن ماسك من رفع قيمة “تسلا” في صناعة السيارات إلى مستويات غير مسبوقة، على الرغم من أن مبيعاتها أقل من شركات السيارات التقليدية الكبرى.
طموحات إيلون ماسك
لطالما كان الوصول إلى كوكب المريخ هو الهدف الأساسي لإيلون ماسك عند تأسيس سبيس إكس في عام 2002. ولا يزال هذا الطموح هو المحرك الرئيسي للشركة، التي تعمل حاليًا على تطوير ستارشيب، وهو أكبر صاروخ تم تصميمه لرحلات استكشافية إلى القمر والمريخ.
التوقعات والتحديات المستقبلية
يتوقع المراقبون أن طرح أسهم سبيس إكس في البورصة سيجبر الشركة وإيلون ماسك على تبني المزيد من الشفافية، خاصةً فيما يتعلق بالإيرادات والأداء المالي. وهذا قد يخضع الشركة لضغوط لتحقيق الربحية، وهو ما قد يؤثر على استراتيجية الشركة القائمة على المخاطرة والابتكار.
قد يؤدي الاكتتاب العام أيضًا إلى تباطؤ وتيرة العمل في سبيس إكس على المدى القصير، حيث سيتطلب الأمر تخصيص وقت وجهد أكبر للتعامل مع المتطلبات التنظيمية والإبلاغ المالي. كما أن استراتيجية الشركة القائمة على تطوير تقنيات غير تقليدية قد تواجه تحديات من قبل المساهمين الجدد الذين يبحثون عن عائد استثماري سريع.
ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن المستثمرين سيكونون على استعداد لتحمل هذه المخاطر، نظرًا للإمكانات الهائلة لشركة سبيس إكس في قطاع الفضاء. وفي شهر يونيو الماضي، ذكر إيلون ماسك أن الشركة تتوقع تحقيق إيرادات بقيمة 15.5 مليار دولار لهذا العام، وأن إيراداتها من العمليات الفضائية التجارية قد تتجاوز ميزانية وكالة ناسا في العام المقبل.
من المتوقع أن تتخذ سبيس إكس قرارًا نهائيًا بشأن موعد طرح أسهمها للاكتتاب العام في الأشهر المقبلة. وينبغي متابعة التطورات التنظيمية والموافقة على الاكتتاب، بالإضافة إلى تقييمات المحللين والتقارير المالية للشركة. لا تزال هناك بعض أوجه عدم اليقين حول توقيت وطريقة تنفيذ الاكتتاب العام، إلا أن سبيس إكس تبدو مصممة على المضي قدمًا في هذه الخطوة التاريخية.












