رجل الأعمال رامي محمد مهنا المهنا:
اليوم الوطني للمملكة الـ 95 تجسيد لكفاح وطن ونهضة شاملة بقيادة رشيدة
الأحساء
حوار: زهير بن جمعة الغزال
في حضرة الوطن، حيث المجد يكتب كل يوم فصولاً جديدة من التقدم والاستدامة، التقينا برجل الأعمال رامي محمد مهنا المهنا، رئيس مجلس إدارة شركة ركائز البناء والطاقة، في حوار شامل بمناسبة اليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة العربية السعودية.
حيث جاءت المناسبة هذا العام مختلفة بوهجها، إذ تتزامن مع التحولات التاريخية التي تقودها المملكة في ظل رؤية 2030، حيث تتعاظم الإنجازات وتترسخ المبادئ، وتسير البلاد بخطى طموحة نحو مستقبل مزدهر في جميع المجالات.
تحدث المهنا عن روح الاعتزاز الوطني، وعن الدور الريادي للمملكة في المنطقة والعالم، وعن استراتيجيات الحوكمة، والكفاءة المؤسسية، والطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي، وحج هذا العام الذي مثل قمة التكامل والتنظيم.
لم يكن هذا الحوار مجرد حديث عن منجزات، بل كان بمثابة توثيق لرؤية وطنية تتحول كل يوم إلى واقع ملموس، ونبض اقتصادي يعكس طموح قيادة وشعب يصنع الفارق، وعبر هذا الحوار نفتح نافذة على ما تحقق، ونستشرف ما هو آتٍ، فإليكم التفاصيل.
ماذا يعني لكم اليوم الوطني الخامس والتسعون للمملكة العربية السعودية؟
تحتفي المملكة قيادةً وشعبًا باليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة العربية السعودية، الموافق 23 سبتمبر 2025م.
ويستذكر أبناء الوطن ومن يقيمون على أرضه اليوم، هذه المناسبة الوطنية وهم ينعمون برخائه، ويتمتعون بنموه، معتزين بشموخه، ومتفاخرين بإنجازاته، وطامحين لمستقبل يحقق أحلامهم ويرسم طريقاً ذا خطى ثابتة للأجيال المتعاقبة، تحت ظل قيادة حكيمة سارت بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، وسخرت كل السبل لراحة المواطن والمقيم، ليعيشوا بكرامة وعزة وسلام وأمان.
وما نعيشه اليوم هو امتداد لتاريخ صنعه رجلٌ عظيم، كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى، في تأسيس دولة على شرع الله، رايتها التوحيد، ودستورها كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، تنعم بالأمن والأمان والاستقرار، غايتها بناء دولة حضارية ذات قوة فاعلة على المستويين المحلي والدولي.
اليوم الوطني ذكرى عزيزة تجسد قصة كفاح ووحدة، وها نحن نستلهم منها العزم لمواصلة البناء وتحقيق تطلعات وآمال عريضة تحت مظلة رؤية طموحة، هذه الذكرى تذكرنا بتضحيات الآباء المؤسسين، وتدفعنا لمواصلة تحويل التحديات إلى فرص، والسير بثبات نحو مستقبل يليق بمكانة وطننا الغالي.
ما أبرز ملامح التحولات التي تحققت ضمن رؤية 2030؟
يشهد اليوم الوطني الـ95 تتويجًا لمسيرة من الإنجازات غير المسبوقة في ظل رؤية 2030، أبرزها، تحولات اقتصادية وجاء ذلك من خلال تنويع مصادر الدخل، وريادة في الطاقة النظيفة، وطفرة في الاستثمارات العالمية، كما حدثت طفرة تنموية من مشاريع عملاقة (نيوم، ذا لاين، القدية، مشروع البحر الأحمر)، وتطوير البنية التحتية، وتمكين الإنسان وتحسين جودة الحياة، وتمكين المرأة، وتطوير التعليم والصحة، بالإضافة إلى صوت عالمي، وحدث ذلك من خلال تعزيز مكانة المملكة السياسية والاقتصادية والثقافية على الساحة الدولية، وحفظ الأمن والاستقرار، والدور الرائد للمملكة في محاربة الإرهاب ودعم السلام الإقليمي والعالمي، وهذا اليوم الوطني السعودي الـ95 ليس مجرد ذكرى، بل هو تجسيد حي لروح الأمة السعودية الموحدة، وقصة نجاح مستمرة تحت قيادة حكيمة.
كيف تساهم الحوكمة والكفاءة المؤسسية في الاستدامة ضمن رؤية 2030؟
تضع رؤية 2030 السعودية الاستدامة في صلب نموذجها التنموي، مع التركيز بشكل كبير على تعزيز الحوكمة الرشيدة والكفاءة المؤسسية كعامل محوري لضمان استمرارية النجاح وتحقيق الأهداف الطموحة.
تطبيق معايير الحوكمة يضمن وضوح القرارات والعمليات وسهولة تتبع الموارد المالية والبشرية، ووجود آليات للمساءلة يحسن الأداء ويقلل الهدر والفساد، مما يحافظ على الموارد لاستخدامها بكفاءة في مشاريع التنمية المستدامة طويلة المدى.
التركيز على الكفاءة المؤسسية يعني الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيق أقصى عائد من الاستثمارات، مبادرات مثل “مركز تحقيق كفاءة الإنفاق” وبرامج تحسين الجودة وتبني التقنية تهدف إلى تقليل التكاليف التشغيلية وتوجيه الأموال نحو الاستثمارات الإنتاجية.
بيئة مؤسسية تحكمها قوانين وأنظمة واضحة وشفافة ومستقرة تشجع المستثمرين وتدعم الرؤية بقوة، وتطبيق معايير ESG يعد جاذبًا رئيسيًا للاستثمارات المسؤولة والمستدامة، والمؤسسات ذات الحوكمة القوية والكفاءة العالية أكثر قدرة على إدارة المخاطر والتكيف مع التحديات، والحوكمة السليمة تضمن وضع سياسات فعالة لإدارة الموارد مثل الطاقة والمياه، والمؤسسات الفعالة توفر بيئة عمل جاذبة وعادلة، تعزز الشفافية، وتستثمر في تطوير مهارات موظفيها، ما يبني قاعدة بشرية منتجة وملتزمة.
كيف تسير المملكة نحو الريادة العلمية والابتكار لتحقيق التنمية المستدامة؟
تتبنى السعودية في رؤية 2030 نهجًا استباقيًا لتحقيق التنمية المستدامة، عبر التحول إلى اقتصاد معرفي وابتكاري، وتشمل المسارات، زيادة إنفاق المملكة على البحث والتطوير إلى 2.5٪ من الناتج المحلي، وإنشاء مدن علمية مثل نيوم والوادي الصناعي الرقمي، وتوطين تقنيات الثورة الصناعية الرابعة (الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، الروبوتات)، ودعم الشركات الناشئة في التقنية النظيفة، وتوليد 50٪ من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030، والريادة في الهيدروجين النظيف، وتطوير حلول رقمية لترشيد الطاقة، مثل برنامج الملك سلمان، وإدراج تخصصات مستدامة في المناهج، وإنشاء أكاديميات صناعية، وبرامج ابتعاث، وتحويل النفايات إلى طاقة، وزراعة 10 مليارات شجرة، والاستمطار الصناعي، والتعاون الدولي مع IRENA وجامعات عالمية، وتطوير مدن ذكية مثل نيوم و”ذا لاين”، وتوطين التقنية الصناعية.
كيف تقيّمون نجاح موسم حج هذا العام؟
بحمد الله وتوفيقه حقق موسم حج هذا العام 1446هـ نجاحاً منقطع النظير، وذلك بفضل الجهود المبذولة من قبل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، التي لم تدخر جهداً في سبيل خدمة الحجاج.
من الاستقبال عبر المنافذ، حتى أداء المناسك بسهولة، عكس موسم الحج كفاءة التخطيط وجودة التنفيذ، ورسالة المملكة السامية في خدمة ضيوف الرحمن، حيث تواصل المملكة تطوير خدماتها لضمان أعلى معايير السلامة والراحة الروحية.
ما أبرز ملامح التجهيز لموسم حج 1446؟
من المؤكد أن هناك عدة ملامح وكان للمملكة دور مهم وحيوي في التجهيز حتي يتم بهذا الشكل المبهر، ومن أبرزها هو، توسعة مشعر منى وجسر الجمرات لاستيعاب أكثر من 300 ألف حاج/ساعة، وتحديث أنظمة النقل الذكية وتعزيز الطرق، بالإضافة إلي تطوير مخيمات مقاومة للحرارة وصديقة للبيئة، وكانت منصة “الحج الذكي” تشمل التأشيرات، السكن، النقل والصحة من أبرز ما جاء في موسم الحج، كما تم استخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة الحشود، وإنشاء مستشفيات ميدانية وفرق طبية متنقلة، ومشاريع لتحويل نفايات الحج إلى طاقة، وتسهيل إجراءات التأشيرات والسفر، وغيرها من العناصر المهمة التي جاءت لتكمل الصورة وتظهر المملكة بهذا الشكل المبهج.
كيف واجهت المملكة التحديات المحتملة خلال موسم الحج؟
لقد تعاملت المملكة العربية السعودية مع موسم حج هذا العام 1446هـ بمنهجية احترافية متكاملة، استبقت من خلالها كافة التحديات المتوقعة، سواء كانت تنظيمية أو صحية أو بيئية أو لوجستية.
وكان لافتًا مدى تناغم القطاعات المختلفة، الحكومية والخاصة، في تطبيق منظومة دقيقة من الحلول الذكية والخطط الميدانية التي تضمن راحة الحجاج وسلامتهم من لحظة وصولهم حتى مغادرتهم.
وقد تمت إدارة الحشود والازدحام، بفضل الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والكاميرات الذكية، تم تطوير أنظمة متقدمة لإدارة الحشود لحظياً، حيث تم تثبيت أجهزة استشعار وكاميرات مراقبة عالية الدقة في المشاعر المقدسة لرصد الكثافات البشرية والتنبؤ بها مسبقًا، مما مكّن فرق التدخل السريع من التعامل مع أي طارئ أو ازدحام محتمل بشكل فوري ودقيق.
كما تمت مواجهة الطقس الحار، في ظل درجات حرارة عالية تتكرر سنوياً خلال موسم الحج، حيث تم نشر آلاف المراوح ذات الرذاذ المائي في الطرقات والمخيمات، مع توفير نقاط تبريد متنقلة ومياه مبردة مجانية للحجاج على مدار الساعة، كما شملت الإجراءات إنشاء مظلات حرارية واسعة وتوسيع المرافق المكيّفة في المشاعر المقدسة.
ومن خلال الصحة العامة والسلامة الوقائية، لم تكتف المملكة بالتجهيز الطبي التقليدي، بل عززت فرقها بمستشفيات ميدانية متطورة مزودة بأحدث الأجهزة، إلى جانب نشر الفرق الطبية المتنقلة في مناطق التجمعات، وتم تطبيق نظام صحي رقمي لمتابعة الحالات الحرجة وكبار السن والمرضى المزمنين، عبر أجهزة تتبع صحية ونقاط فرز أولي، كما جرى تنفيذ حملات وقائية شاملة للتطعيم، والتعقيم، والرقابة على الغذاء والمياه.
ومن الاستدامة البيئية والنظافة، منتم عمل حملات توعوية وميدانية ضخمة، وتوجيه الحجاج للحفاظ على نظافة المشاعر، مع الاستعانة بآلاف العمال ومعدات حديثة لجمع النفايات وإعادة تدويرها، كما أطلقت المملكة مبادرات لتحويل النفايات إلى طاقة، واستخدمت مواد قابلة لإعادة الاستخدام في تجهيزات المخيمات، بما يتماشى مع مستهدفات الاستدامة في رؤية 2030.
وتم تسهيل الإجراءات اللوجستي للحجاج عبر منصة “الحج الذكي”، والتي جمعت في تطبيق واحد كافة الخدمات المتعلقة بالتأشيرات، والسكن، والتنقل، والرعاية الصحية، وساهم التعاون مع شركات الطيران العالمية في تنظيم رحلات مباشرة وسلسة من وإلى المملكة، ما خفف الضغط على المنافذ وقلص من زمن الانتظار.
وشهد موسم الحج حضوراً أمنياً مدروساً، اتسم بالمرونة والدقة، حيث تواجدت فرق الطوارئ والدفاع المدني والهلال الأحمر في كل المواقع الحساسة، وتم تدريب المتطوعين والعاملين وفق أعلى المعايير، ما أسهم في انسيابية الحركة والتنظيم داخل المشاعر.
وما قامت به المملكة خلال موسم حج 1446هـ يُعد نموذجاً يُحتذى به في العالم الإسلامي والدولي، حيث جمعت بين التخطيط الاستباقي، والتقنيات الحديثة، والاهتمام الإنساني، لتؤكد للعالم أن خدمة ضيوف الرحمن ليست فقط واجبًا دينيًا، بل مشروع وطني واستراتيجي، يُدار بأعلى مستويات الكفاءة والتفاني.
وفي ختام هذا الحوار، تتجلى معاني الانتماء والفخر بما حققته المملكة خلال سنوات قليلة من التغيير الاستراتيجي المتكامل. لقد أكد رامي محمد مهنا المهنا أن ما يميز هذه المرحلة هو وضوح الرؤية، واستدامة العمل، وتكامل الجهود بين القيادة والمواطنين، وبين القطاعين العام والخاص.
ليس هناك شك أن ما تحقق هو بداية لمستقبل أكثر إشراقًا، حيث تُصنع المعجزات بالتخطيط والابتكار، وتُدار الثروات بالحوكمة والمساءلة، وتُبنى الأجيال على المعرفة والمشاركة، ومن قلب هذا الوطن النابض، نبعث برسالة إلى كل فرد فيه، أنت جزء من الحلم، وصانع للإنجاز، وحارس للمستقبل.
كل عام والمملكة بخير، واليوم الوطني ليس مناسبة للاحتفال فقط، بل لحظة وعي واعتزاز بأن القادم أعظم، وتظل المملكة تسير بثبات نحو مستقبل مشرق، بقيادة طموحة وشعب مؤمن بقدراته، وبرؤية شاملة تضع الإنسان والبيئة في قلب التنمية.
اليوم الوطني ليس فقط احتفاءً بالماضي، بل هو تأكيد على أن مسيرة الإنجاز مستمرة، وأن المملكة ماضية نحو الريادة العالمية في التنمية، الاقتصاد، والخدمات.