على الرغم من الاعتقاد السائد بأن الخضراوات النيئة هي الأفضل، إلا أن طهي بعض الخضراوات يمكن أن يعزز قيمتها الغذائية ويجعل العناصر الغذائية فيها أكثر توافراً للجسم. تشير الأبحاث إلى أن عملية الطهي، عند إجرائها بشكل صحيح، لا تقلل فقط من بعض المركبات غير المرغوب فيها، بل تزيد أيضاً من امتصاص الجسم للعناصر الغذائية الأساسية. هذا الأمر يثير تساؤلات حول أفضل الطرق لتحضير الخضراوات لتحقيق أقصى فائدة صحية.
نشرت دراسات حديثة، بما في ذلك أبحاث عام 2022، تؤكد على أهمية طهي الخضراوات والبقوليات في المنزل للحفاظ على جودتها الغذائية وتقليل فقدان العناصر الغذائية. هذا الأمر يكتسب أهمية خاصة في ظل تزايد الوعي بأهمية التغذية السليمة ودورها في الوقاية من الأمراض المزمنة.
فوائد طهي الخضراوات
إحدى الفوائد الرئيسية لطهي الخضراوات هي جعل بعض العناصر الغذائية أكثر توافراً. على سبيل المثال، وجدت دراسة عام 2005 أن طهي الخضراوات يقلل من مستويات أوكسالات الكالسيوم، وهي مركبات موجودة في العديد من الخضراوات النيئة وتساهم في تكوين حصوات الكلى. عملية الطهي، وخاصة على البخار، يمكن أن تقلل من هذه المستويات بنسبة تتراوح بين 30 و 87%.
توضح اختصاصية التغذية المعتمدة، ديبورا مورفيك، أن بعض الفيتامينات والمعادن قد تتحلل عند طهي الخضراوات بسبب حساسيتها للحرارة، إلا أن طهي أنواع معينة مثل الجزر والطماطم والبازلاء والخضراوات الورقية والفطر والبصل يمكن أن يحسن من قيمتها الغذائية ويسهل على الجسم امتصاص عناصرها الغذائية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يجعل طهي الخضراوات أكثر جاذبية من خلال تليينها وإضفاء نكهة مميزة عليها، مما يشجع على تناول المزيد منها وتلبية الاحتياجات اليومية من العناصر الغذائية.
أفضل الخضراوات التي ينصح بطهيها
تقول كاري مادورمو، الكاتبة المتخصصة في الشؤون الصحية، الحاصلة على ماجستير الصحة العامة، إن الجزر المطبوخ يوفر عناصر غذائية أكثر من الجزر النيء. الجزر غني بالكاروتينات، وهي أصباغ نباتية مضادة للأكسدة تحمي الخلايا من التلف وترتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان. يتحول الجسم هذه الكاروتينات إلى فيتامين (أ)، الذي يدعم صحة العين ويعزز جهاز المناعة.
أظهرت الأبحاث المنشورة عام 2020 أن امتصاص بيتا كاروتين كان أعلى بمقدار 6.5 مرات في الجزر المطهي مقارنة بالجزر النيء. وهذا يؤكد على أهمية الطهي في زيادة التوافر البيولوجي للعناصر الغذائية.
يُعرف البصل بنكهته القوية ورائحته النفاذة، مما يجعله أقل جاذبية عند تناوله نيئاً. ومع ذلك، يزيد الطهي من توافر الكيرسيتين الموجود في البصل، والذي له فوائد مضادة للالتهابات. تشويح البصل أو شويه يمكن أن يؤدي إلى زيادة محتوى الكيرسيتين الحر بنسبة تتراوح بين 7% و 25%.
الفطر، الغني بمضادات الأكسدة، تزداد قيمته الغذائية ونشاطه المضاد للأكسدة عند طهيه سريعاً على البخار أو في الميكروويف. ومع ذلك، يجب تجنب طهيه لفترات طويلة، حيث قد يقلل ذلك من فوائده.
الهليون، وهو خضار قاس، يُقدم مطبوخاً عادة ليصبح طرياً وسهل التناول. للحفاظ على محتواه من فيتامين “سي”، يُنصح باختيار طريقة طهي سريعة، كالتبخير أو القلي السريع.
معظم الخضراوات الورقية الداكنة اللون، مثل السبانخ والسلق، قد تكون أفضل لصحتك بعد طهيها، حيث تساهم عملية الطهي في التقليل من الأوكسالات وجعل الكالسيوم والحديد أكثر فائدة للجسم.
الطماطم، على الرغم من أنها تؤكل نيئة وتكون لذيذة، إلا أن طهيها يساعد الجسم على امتصاص كمية أكبر من الليكوبين مقارنة بتناولها نيئة. وجدَت دراسة عام 2005 أن مستويات الليكوبين في دم المشاركين ارتفعت بنسبة 80% عند تناولهم الطماطم المطهية بزيت الزيتون مقارنة بتناولها نيئة. وذلك لأن الليكوبين يذوب في الدهون، وطهي الطماطم في زيت الزيتون يزيد من كمية الليكوبين التي يمتصها الجسم.
أفضل طرق طهي الخضراوات
تختلف أساليب الطهي في الحفاظ على القيمة الغذائية الخضراوات. تشمل أفضل الطرق، مرتبة حسب الأفضلية: الطهي على البخار، التشويح على الموقد، الطهي في الميكروويف، التحميص، الغلي، والقلي. يجب اختيار الطريقة المناسبة بناءً على نوع الخضار والعناصر الغذائية التي ترغب في الحفاظ عليها.
من المتوقع أن تظهر المزيد من الدراسات حول تأثير طرق الطهي المختلفة على القيمة الغذائية الخضراوات في المستقبل القريب. من المهم متابعة هذه التطورات وتعديل عادات الطهي وفقاً لأحدث التوصيات العلمية. كما يجب على الأفراد استشارة أخصائيي التغذية للحصول على نصائح مخصصة حول أفضل الطرق لتحضير الخضراوات بما يتناسب مع احتياجاتهم الصحية الفردية.













