أثار مشجع من جمهورية الكونغو الديمقراطية جدلاً واسعاً خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 المقامة في المغرب، وذلك بعد أن قضى المباراة كاملةً، 90 دقيقة، واقفاً بلا حراك في المدرجات. هذا السلوك غير الاعتيادي، الذي لفت أنظار الجماهير ووسائل الإعلام، أُعتبر تعبيراً قوياً عن الدعم والولاء لمنتخب بلاده، ولكنه حمل أيضاً دلالات رمزية أعمق تتعلق بتاريخ الكونغو وصمودها. هذا المشهد الفريد أثار تساؤلات حول دوافع هذا المشجع ورمزية وقوفه الطوال فترة المباراة.
وقع هذا الموقف خلال مباراة منتخب الكونغو الديمقراطية أمام منتخب السنغال في دور المجموعات. انتشرت لقطات فيديو للمشجع على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث ظهر واقفاً كتمثال، دون أي تعبيرات أو حركات، طوال أحداث اللقاء. أثار هذا المشهد دهشة واستغراب الكثيرين، وسرعان ما تحول إلى حديث الساعة في الأوساط الرياضية والإعلامية.
رمزية الوقوف: دعم منتخب الكونغو وتخليد ذكرى لومومبا
وبحسب تقارير إعلامية رياضية متعددة، فإن هذا التصرف لم يكن مجرد تعبير عن التشجيع، بل كان بمثابة تكريم لذكرى باتريس لومومبا، أول رئيس وزراء لجمهورية الكونغو الديمقراطية بعد الاستقلال. لومومبا، الذي اغتيل في ظروف مأساوية عام 1961، يُعتبر رمزاً للنضال الوطني والسيادة في الكونغو.
ويُعرف المشجع بلقب “لومومبا”، وهو ما يعزز الارتباط الرمزي بين وقفته الصامدة وبين شخصية الزعيم التاريخي. يعتقد الكثيرون أن المشجع كان يسعى من خلال هذا الفعل إلى استحضار ذاكرة الوطن وإبراز قيم الصمود والتضحية التي تمثلها شخصية لومومبا في الوجدان الكونغولي.
تفاعل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي
شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلاً كبيراً مع قصة المشجع الكونغولي. تداول المستخدمون مقاطع الفيديو والصور على نطاق واسع، معبرين عن إعجابهم وتقديرهم لهذا السلوك غير المألوف. كما أثيرت العديد من التساؤلات حول قدرة المشجع على الوقوف لفترة طويلة دون حركة، وما إذا كان هذا الفعل يمثل تحدياً شخصياً أو تعبيراً عن التزام وطني.
وعلق العديد من المتابعين على أن هذا الحضور اللافت يعكس الشغف والانتماء الحقيقيين لكرة القدم الأفريقية، وأن المشجع قدّم نموذجاً فريداً في التعبير عن الدعم لمنتخب بلاده. كما أشاروا إلى أن هذا المشهد يذكر بأهمية الذاكرة التاريخية ودورها في تشكيل الهوية الوطنية.
أهمية المشجع في الثقافة الرياضية الأفريقية
تعتبر الجماهير جزءاً أساسياً من الثقافة الرياضية الأفريقية، حيث تلعب دوراً حيوياً في صناعة الأجواء الحماسية والمثيرة في الملاعب. غالباً ما تتحول المدرجات إلى مساحة للتعبير عن الهوية والذاكرة الجماعية، حيث يرتدي المشجعون أزياءً تقليدية ويرددون الأغاني والهتافات التي تعكس تاريخ وثقافة بلادهم. مشجع كرة القدم يمثل جزءاً لا يتجزأ من هذه المنظومة.
ويؤكد خبراء في علم الاجتماع الرياضي أن هذه المشاهد تعكس خصوصية الكرة الأفريقية، حيث يمتزج الشغف الرياضي بالسياق الاجتماعي والتاريخي. كأس الأمم الأفريقية هي منصة مثالية لإبراز هذه الخصوصية، حيث تتيح للجماهير فرصة التعبير عن هويتها وانتمائها بطرق إبداعية ومبتكرة. المنتخب الكونغولي كان محظوظاً بوجود هذا المشجع.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المشاهد تساهم في تعزيز الروح الوطنية والوحدة بين أفراد المجتمع. فمن خلال التشجيع والدعم لمنتخب بلادهم، يشعر المواطنون بالانتماء إلى كيان أكبر منهم، ويتحدون حول هدف مشترك. وهذا ما يفسر الحماس والشغف الكبيرين اللذين يظهران في المدرجات خلال المباريات.
في الختام، يظل موقف المشجع الكونغولي لافتاً للنظر ومثيراً للتأمل. فهو يمثل تعبيراً قوياً عن الدعم والولاء لمنتخب بلاده، ولكنه يحمل أيضاً دلالات رمزية أعمق تتعلق بتاريخ الكونغو وصمودها. من المتوقع أن تستمر هذه القصة في إثارة الجدل والتفاعل في الأيام القادمة، وأن تساهم في تسليط الضوء على أهمية الذاكرة التاريخية ودورها في تشكيل الهوية الوطنية. ستكون متابعة ردود فعل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) والجهات المعنية الأخرى أمراً مهماً في الفترة المقبلة.













