انتقل إلى رحمة الله تعالى رجل الأعمال الإماراتي سعيد جمعة النابودة، رئيس مجموعة سعيد ومحمد النابودة، ورئيس غرفة تجارة وصناعة دبي الأسبق بعد مسيرة كفاح وبناء امتدت لنصف قرن.
نهل سعيد بن جمعة النابودة من مدرسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراهما، إذ كان له دور فاعل في العمل المؤسسي سواء في المجلس الوطني الاتحادي، منذ دورته الأولى والثانية بين عامي 1972 و1978.
وفي غرفة تجارة وصناعة دبي بين عقدي الثمانينيات والتسعينيات (من سنة 1982 وحتى سنة 1997)، أو في بناء صرح مجموعة سعيد ومحمد النابودة، التي تمثل منصة اقتصادية مهمة على الصعيد الوطني، إلى جانب دوره الاجتماعي الثقافي المشهود في العطاء والبناء طيلة أكثر من نصف قرن، وبما لا يمكن حصره.
تميز بالعصامية
تميز سعيد بن جمعة النابودة بالعصامية المعرفية والثقافية، فكان يطّلع ويقرأ ويتابع بهدوء وحكمة، وكان إذا استشير يبدي رأيه بتعمّق وتعقُّل، ومن هنا أصبح مُقرَّباً من الشيخ راشد، رحمه الله، ثم بدأ يبرز اقتصادياً، لكونه شخصية محبوبة، حيث كان الشيخ راشد يستأنس لمِثل هؤلاء الناس في مجال الاستشارة.
وسعيد النابودة هو الابن الأكبر لجمعة النابودة صاحب رحلة كفاح طويلة، بدأت منذ الطفولة وتحديداً في سن الثانية عشرة، حيث لم يرث المال ولا التجارة من العائلة، لكنه ورث ما هو أثمن من هذا كله، وهو «الصبر والعمل»، فضلاً عن أنه تعلم في أعرق مدارس العالم وهي مدرسة الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه.
وكان رحمة الله عليه يقول: «رحلة كفاحي بدأت منذ الطفولة وتحديداً في سن الثانية عشرة، وأقول طفولة لأن الشباب في أيامنا هذه يعتمدون على الأهل في هذه السن، وهو فارق جوهري بين الماضي والحاضر، مضيفاً: لم أرث المال ولا التجارة من العائلة، لكنني ورثت ما هو أثمن من هذا كله، حيث ورثت عن الوالد، رحمه الله، الصبر والعمل بكل جهد لإثبات الذات والوصول للهدف، وكانت كلماته لي دائماً أنه لا يوجد شيء مستحيل».
وقال عن علاقته مع الشيخ راشد، طيب الله ثراه: «تربيت وترعرعت وتعلمت في أعرق مدارس العالم وهي مدرسة الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، كنت محظوظاً بأن احتضنني.
وكانت مقولته الدائمة لي: إن «الدولة تعطيك الشبك لا السمك»، وكانت كلماته هي الشعلة التي أضاءت لي طريق النجاح، كان مجلسه مفتوحاً دوماً، يستمع بنفسه لشكاوى وآلام المواطنين، ولم يرد محتاجاً في يوم من الأيام، وهذا المجلس الذي انبثق عنه المجلس البلدي الحالي، كان يتابع كل المشاريع التي تقام في دبي بنفسه.
كان، رحمة الله عليه، يرى دبي العالمية نجمة في السماء عالية شامخة، فهي بلد الأمن والأمان والخير لمواطنيها وللعالم العربي أجمع، ويرى دبي العالمية تسهم في الصناعات العالمية، كما يرى التطور والنهضة في كل مكان فيها، ويرى العمران والموانئ البحرية والجوية في أرقى وأحدث حالاتها.
فترة ذهبية
وكان الفقيد يقول دبي هي نموذج حي للبناء والتحضر والرقي والابتكار والجمال، وهي بناءة بسواعد أبـنائها، والتحدي هو سبيلنا للوصول للهدف بمشيئة الله. وباختصار فإن دبي المستقبل، ودبي هي الوجهة الأولى العالمية لممارسة الأعمال.
ومن ثم بذل الجهد الغالي والنفيس خلال الفترة الزمنية، التي تولى فيها رئاسة غرفة تجارة وصناعة دبي هي قرابة 15 سنة، وهذه هي الفترة الذهبية لغرفة التجارة، فقد استطاع وفريق العمل وأعضاء مجلس الإدارة أن يعمل كخلية واحدة، هدفها الأساسي مصلحة دبي، وقد تحلّى الجميع بهذه الروح، وهذا ما ساعد في الوصول إلى الأهداف بجذب أنظار العالم إلى دبي.
عمل بكل جهد للوصول لهذا الهدف، وذلك من خلال ترتيب زيارات مكثفة لوفود الغرفة لمعظم دول العالم، واستضافة العديد من الوفود العربية والأجنبية لدبي، وقام بتنظيم المعارض الدولية والمنتديات والمؤتمرات لتبادل الخبرات في الداخل والخارج، وجلب وكالات جديدة ذات نفع لبلدنا، وأرشيف الغرفة يشهد بأن هذه الفترة الزمنية هي الفترة، التي أسهمت بقدر كبير في جذب العالم، وزيادة الاستثمارات في دبي.
ولم يكن دور الغرفة في أن تقوم بتطوير التجارة والصناعة فحسب، بل لعبت الغرفة دوراً أساسياً في احتضان وتطوير المنشآت الصغيرة، والمساهمة في تنميتها، وتطويرها والحفاظ على حقوقها مع الوكالات التي تمثلها بالخارج، وشكل حماية المستهلك وحل مشكلات التجار الهاجس الأكبر للغرفة آنذاك.
بذل جهوداً مكثفة من أجل الترويج لدبي وبيئة أعمالها حتى الرمق الأخير، ولم يتقاعس يوماً عن خدمة بلاده من هذا الموقع الحساس، وحالت ظروفي الصحية عن إكمال المسيرة، التي أكملها من بعدي شخصيات مشهود لها بالكفاءة وحب دبي. وقد توجت نهاية فترتي مع غرفة دبي بافتتاح مبنى الغرفة الحالي على خور دبي، لتنتقل بعدها الغرفة إلى مرحلة جديدة من النمو والتطور.
ومن خلال التعاضد والتعاون بين سعيد النابودة وأخيه محمد تأسست مجموعة الشركات، وحققا نجاحاً كبيراً في الميدان الاقتصادي، وكان للشيخ راشد، رحمه الله، دور كبير في دعم التجار أمثالهم، وخلق بيئة تجارية واسعة.
سمعة مرموقة
وتأسست مجموعة سعيد ومحمد النابودة في عام 1958، وتعد من أكبر المجموعات العائلية ذات السمعة المرموقة بالإمارات، وتتولى مجموعة النابودة إدارة المجموعة، حيث يعمل فيها أكثر من 10,000 موظف يمثلون أكثر من 50 جنسية مختلفة، ويرتكز نشاط المجموعة على أعمال الهندسة المدنية والإنشاءات وأعمال الميكانيكا والكهرباء والسباكة، إلى جانب أعمال الوكالة لمجموعة متنوعة من العلامات التجارية المشهورة عالمياً بمجالات السيارات والنقل والسفر والأجهزة الكهربائية والخدمات اللوجستية والزراعة، وتشييد المدن الذكية ومجالات العقارات والطاقة المتجددة.
وتشتهر مجموعة النابودة بريادتها في تقديم مشروعات وخدمات ترتقي إلى المستوى العالمي، وتتجاوز بجودة منتجاتها وخدماتها ومشروعاتها توقعات عملائها وطموحاتهم.