كشفت دراسة جديدة قادها باحثون من مستشفى ماس للعيون والأذن أن الأشخاص الذين وُصِفَ لهم عقار “سيماغلوتيد” المعروف تجاريا بـ”أوزمبيك” و”ويجوفي” لديهم خطر أعلى للإصابة بنوع من العمى الناتج عن مرض يصيب العصب البصري ويسمى “الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني”.
وأشارت نتائج الدراسة -التي نُشِرَت في 3 يوليو/تموز الحالي بمجلة جاما أوفثالمولوجي- بشكل ملحوظ إلى أن الأشخاص المصابين بالسكري الذين وُصِفَ لهم دواء سيماغلوتيد من قبل طبيبهم وقاموا بشراء الوصفة كانوا أكثر عرضة بأكثر من أربع مرات لتشخيصهم بالاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني، أما الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة ووُصف هذا الدواء لهم، فكانوا أكثر عرضة بأكثر من سبع مرات لتشخيصهم بهذه الحالة.
الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني
ويُعد الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني نادرا نسبيا، حيث يحدث لنحو 10 من كل 100 ألف شخص. وهو ثاني سبب رئيسي للعمى العصبي البصري (السبب الأول هو الغلوكوما)، كما أن هذا المرض هو السبب الأكثر شيوعا للعمى العصبي البصري المفاجئ. ويُعتقَد أن الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني ناتج عن انخفاض تدفق الدم إلى رأس العصب البصري، مما يؤدي إلى فقدان بصري دائم في عين واحدة.
كيف بدأت القصة؟
وبدأت الدافعية لإجراء هذه الدراسة أواخر صيف عام 2023 وفقا لموقع “يوريك أليرت”، عندما لاحظ الدكتور جوزيف ريزو -مدير خدمة طب الأعصاب البصرية في مستشفى ماس للعيون والأذن وأستاذ طب العيون في كلية الطب بجامعة هارفرد في الولايات المتحدة- وأطباء الأعصاب البصرية الآخرون في مستشفى ماس للعيون والأذن أمرا مزعجا، فقد شُخّص ثلاثة مرضى بفقدان البصر بسبب هذا المرض النادر نسبيا في أسبوع واحد فقط. ولوحظ أن المرضى الثلاثة كانوا يتناولون دواء سيماغلوتيد.
ووفقا لريزو، فإن الفقدان البصري الناتج عن الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني غير مؤلم، وقد يتطور على مدار عدة أيام قبل أن يستقر، وهناك احتمالية قليلة للتحسن. ولكن لا توجد حاليا علاجات فعالة لـلاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني.
وأدى هذا الاكتشاف العارض إلى قيام فريق البحث بمستشفى ماس للعيون والأذن إلى إجراء تحليل رجعي لمجموعة مرضى لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم تحديد رابط بين هذا المرض وهذه الأدوية التي كانت تزداد شعبيتها.
وحلل الباحثون سجلات أكثر من 17 ألف مريض من مستشفى ماس للعيون والأذن الذين عولجوا على مدى السنوات الست منذ إطلاق أوزمبيك، وصُنف المرضى حسب تشخيصهم إما بالسكري أو زيادة الوزن/السمنة. وقارن الباحثون المرضى الذين تلقوا وصفات لسيماغلوتيد بأولئك الذين تناولوا أدوية أخرى لعلاج السكري أو فقدان الوزن. ثم حللوا معدل تشخيصات الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني في المجموعات.
أوزمبيك وويجوفي
طُوّر دواء سيماغلوتيد لعلاج مرض السكري من النوع الثاني. ويشجع الدواء على فقدان الوزن، وانتشر استخدامه منذ إطلاقه بالاسم التجاري أوزمبيك لعلاج السكري في عام 2017، كما وُوفق على استخدام الدواء لتقليل الوزن، حيث أطلق عليه اسم ويجوفي، وصدر في عام 2021.
وقال ريزو: “انتشر استخدام هذه الأدوية في البلدان الصناعية، وقدمت فوائد كبيرة في العديد من الجوانب، ولكن يجب أن تشمل المناقشات المستقبلية بين المريض وطبيبه الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني كخطر محتمل”. وأضاف أنه “من المهم أن نقدر أن الخطر المتزايد يتعلق باضطراب نادر نسبيا”.
نتائج مهمة لكنها غير قطعية
وهناك عدة قيود تمنع من تعميم نتائج الدراسة. ويراجع مستشفى ماس للعيون والأذن عددا غير عادي من الأشخاص المصابين بأمراض العين النادرة، كما أن عدد حالات الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني التي شوهدت على مدار فترة الدراسة التي امتدت ست سنوات صغير نسبيا. ولم يتمكن الباحثون من تحديد ما إذا كان المرضى تناولوا أدويتهم بالفعل أم لا.
ومن المهم أن الدراسة لا تثبت السببية في العمى (أي أن الدراسة لا تستطيع أن تثبت أن الدواء هو سبب هذه الحالة)، ولا يعرف الباحثون لماذا أو كيف جاء هذا الارتباط، ولماذا كانت هناك فرق بين مجموعات مرضى السكري والوزن الزائد.
يقول ريزو: “يجب النظر إلى نتائجنا على أنها مهمة ولكنها مؤقتة، فهناك حاجة إلى دراسات مستقبلية لفحص هذه الأسئلة في مجموعة أكبر من المرضى وأكثر تنوعا”.
ويضيف أن “هذه معلومات لم تكن لدينا من قبل ويجب تضمينها في المناقشات بين المرضى وأطبائهم، خاصة إذا كان لدى المرضى مشاكل معروفة في العصب البصري مثل الغلوكوما أو إذا كان هناك فقدان بصري كبير مسبق من أسباب أخرى”.