قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن سوريا تواجه مرحلة دقيقة تستدعي التعامل بحكمة مع التحديات الأمنية والسياسية في أعقاب التحولات الجذرية الأخيرة.
وأكد، خلال فقرة التحليل العسكري، أن التقييمات الأولية تشير إلى أن الوضع الأمني يختلف بشكل ملحوظ من محافظة إلى أخرى، مما يستدعي إستراتيجية شاملة ومتكاملة للتعامل مع هذه التحديات.
ولفهم الوضع الراهن من خلال النظر إلى الخريطة العسكرية الجديدة، أشار حنا إلى أن السيطرة تتوزع بين عدة فصائل في مناطق مختلفة من البلاد.
وأضاف أنه من الشمال إلى الجنوب، ومن منبج إلى المناطق الأخرى، تشهد البلاد واقعا ميدانيا جديدا يتطلب ترتيبات أمنية خاصة.
وفي ظل هذا الفراغ الأمني الهائل، أكد الخبير العسكري على الحاجة الملحة إلى وضع أولويات واضحة، يأتي على رأسها ضمان الأمن العام وحماية المواطنين وممتلكاتهم.
أهمية استثنائية
ولفت المحلل العسكري إلى أن العاصمة دمشق تكتسب أهمية استثنائية في هذا السياق، حيث تتركز فيها المؤسسات الحيوية للدولة، كالبنك المركزي ووزارتي الدفاع والخارجية والقصر الجمهوري.
وأوضح أن المدينة شهدت تحديات أمنية خاصة نتيجة وصول قوات من محورين رئيسيين: درع الشمال وفصائل الجنوب، مما استدعى إجراءات خاصة لضبط الأمن في محيط المقرات الرسمية.
وأشار الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أن البادية السورية تشكل تحديا أمنيا خاصا، خاصة بعد تعرضها لهجمات استخدمت فيها طائرات B-52 وF-15.
وأكد أن هذه المنطقة تمتد على مساحة شاسعة تتطلب جهودا كبيرة لتأمينها وضبط الأوضاع فيها.
وعلى الصعيد السياسي، يرى العميد حنا أن هناك مؤشرات إيجابية بدأت في الظهور من خلال المواقف الدولية، حيث عبّرت الولايات المتحدة وتركيا عن مواقف داعمة للتسوية، كما أن هناك حديثا عن احتمال رفع اسم هيئة تحرير الشام من قوائم معينة، مما قد يسهل عملية الانتقال السياسي.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية قالت، نقلا عن مسؤولين، إن وكالات الاستخبارات الأميركية ومسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن يقيّمون هيئة تحرير الشام وزعيمها، وأن واشنطن تعتزم التعامل مع الهيئة مع وضع مصالحها بعين الاعتبار.
ونبّه الخبير العسكري إلى أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية توحيد مختلف المكونات السورية من أكراد وعلويين ودروز وغيرهم تحت مظلة سلطة سياسية واحدة.
ولترتيب عودة النازحين والمهجرين من لبنان وغيرها، لفت حنا إلى أن هناك حاجة ملحة إلى تشكيل حكومة جديدة قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية وتلبية احتياجات المواطنين.
وفيما يتعلق بإعلان القائد العام لغرفة العمليات العسكرية أحمد الشرع (الملقب سابقا بالجولاني) تكليف محمد البشير في التاسع من ديسمبر/كانون الأول بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية، يرى حنا أن ذلك خطوة مهمة في هذا الاتجاه، لكنها تحتاج إلى دعم وتعاون جميع الأطراف لضمان نجاحها.