نشرت صحيفة الغارديان تقريرًا للمراسل ديفيد سميث من واشنطن، يسلط الضوء على تصريحات دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي مع بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، والتي كشفت عن رؤيته المثيرة للجدل لمستقبل غزة، بوصفه لها وكأنها مشروع عقاري ينتظر التطوير.
عُقد المؤتمر في القاعة الشرقية بالبيت الأبيض، حيث احتشد الصحفيون لتغطية الحدث الذي تأخر لأكثر من ساعة ونصف، فيما بدا وكأنه معركة للوصول إلى المعلومات. بدأ ترامب حديثه بالثناء على السفارة الأمريكية في القدس، التي وصفها بأنها “جميلة”، كما لم يفوّت الفرصة لمهاجمة سلفه جو بايدن قبل أن يشيد بفريقه الإداري الجديد.
لكن الأجواء سرعان ما تحولت إلى ما وصفته الغارديان بأنه “مشهد غريب للغاية”. إذ فاجأ الرئيس الأمريكي الجميع بالإشارة إلى غزة، قائلًا إنها كانت “مكانًا سيئ الحظ لفترة طويلة”، مستخدمًا لغة أقرب إلى الحديث عن منزل مسكون منه إلى منطقة تشهد كارثة إنسانية.
“سنستولي على غزة.. وسنجعلها مذهلة!”
وأمام نتنياهو، الذي بدا وكأنه يحاول يتمالك نفسه حتى لا يضحك، كشف ترامب عن رؤيته “الحل” لغزة، عبر اقتراح بناء مناطق توطين جديدة في دول أخرى، قائلًا: “يمكن أن تموّلها الدول المجاورة ذات الثروات الهائلة”. لكنه لم يحدّد ما إذا كانت تلك الخطة مجرد فكرة عابرة أو مقترحًا رسميًا، وفقاً للصحيفة.
وعند الحديث عن عدد “المواقع” التي يمكن أن تستوعب الفلسطينيين، بدت تصريحات الرئيس أشبه بلعبة تخمين، حيث قال: “قد يكون هناك واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، سبعة، ثمانية، 12… يمكن أن تكون مواقع عديدة أو موقعًا كبيرًا واحدًا”.
لكن المفاجأة الحقيقية جاءت عندما صرّح ترامب قائلاً: “ستستولي الولايات المتحدة على قطاع غزة، وسنفعل ما يلزم، سنمتلكه”، مضيفًا أنه لا يستبعد إرسال قوات أمريكية للسيطرة عليه.
ووصفت الغارديان الرئيس الأمريكي في تلك اللحظة بأنه بدأ وكأنه “يوليوس قيصر الجديد”، مشيرة إلى أن قراراته أصبحت أكثر جرأة بعد أن حيّد مجلس الشيوخ عن طريقه.
غزة تتحول إلى “مشروع ترامب العقاري”
عندما حان وقت الأسئلة الصحفية، ظهرت دوافع ترامب بشكل أكثر وضوحا، إذ قال: “سنستولي على غزة ونجعلها شيئًا يمكن للشرق الأوسط بأسره أن يفخر به”. وأضافت الصحيفة تعليقًا على ذلك: “مرحبًا بكم في عالم ترامب في غزة، متنزه ترفيهي خيالي مليء بأبراج ترامب وملاعب الغولف الخاصة به والروبوتات”.
وأضاف ترامب قائلًا: “لا أريد أن أكون لطيفًا، ولا أريد أن أكون رجلا حكيما، بل أريد ريفييرا الشرق الأوسط في غزة”.
وفي رده على سؤال حول من سيعيش في المدينة التي يخطط لإنشائها في غزة، قال ترامب: “أتصور أن سكان العالم سيعيشون هناك، سكان العالم. أعتقد أنك ستجعلها مكانًا عالميًا لا يصدق. أعتقد أن الإمكانات في قطاع غزة لا تُصدق، وأعتقد أن العالم بأسره، ممثلون من جميع أنحاء العالم سيكونون هناك”.
وأضافت الغارديان أن ترامب، الخبير في صنع العلامات التجارية، لم يتطرق إلى أن شركاته العقارية أعلنت إفلاسها عدة مرات، وأن جامعته واجهت دعاوى قضائية بتهمة الاحتيال، وأن مؤسسته شابتها الفضائح، كما حُكم على شركته بدفع أكثر من 350 مليون دولار في قضية احتيال مدنية أمام محكمة في نيويورك.
وتعكس تصريحات الرئيس الأخيرة تحوله إلى مرحلة توسعية جديدة، تعزز من دوره في المشهد الدولي خلال ولايته الثانية، حيث يسعى إلى تقديم نفسه كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.
وقد أشاد نتنياهو بترامب ووصفه بأنه “أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق في البيت الأبيض”، معتبرًا أن خطته بشأن غزة، “تستحق الاهتمام” و”يمكن أن تغير التاريخ” غير آبه برفض الفلسطينيين والدول المجاورة لها.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة تعود إلى عام 2019، في حين أُدين ترامب العام الماضي بـ 34 تهمة جنائية بتزوير سجلات تجارية. كما صدرت مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو من المحكمة الجنائية الدولية، بتهم تتعلق بجرائم حرب في غزة.