من يتابع برشلونة الإسباني باستمرار هذا الموسم لربما لاحظ احمرار وجه اللاعب بيدري غونزاليس، خاصة في الثلث الأخير من المباريات، وحتما أثاره الفضول لمعرفة سبب ذلك.
وهناك من فسر ذلك بأن بيدري يعاني من الإرهاق، وأنه غير قادر على تحمّل الأعباء البدنية في ظل جدول مزدحم بالمباريات، لكن هذه الظاهرة لها تفسير علمي يتعلق فعلا بالمجهود البدني الكبير وكذلك بطريقة تنظيم جسد اللاعب للأداء والحرارة.
وبحسب الدكتور فرانسيسكو خوسيه غوميز الخبير في الطب الرياضي، فإن احمرار وجه الرياضيين -ومن بينهم بيدري- هو طريقة جسدهم في التفاعل مع المجهود البدني المبذول بطريقة إيجابية، إلى جانب بعض العوامل الوراثية التي تلعب دورا في ذلك، كما لم يستبعد أن تكون وراء الاحمرار أسباب فسيولوجية أو سريرية.
وقال غوميز “عندما يبذل الإنسان مجهودا بدنيا فإن من 20 إلى 25% من الطاقة التي تنتجها الخلايا تستخدم فعليا في شكل عمل ميكانيكي (انقباض العضلات)، في حين يتحول من 75 إلى 80% إلى حرارة”.
وأضاف في مقابلة مع صحيفة “ماركا” الإسبانية أن “جسم الإنسان يشبه المدفأة إلى حد بعيد أكثر من كونه محركا، تخيل أن سيارة تستخدم 25% فقط من الوقود من أجل الحركة والباقي يُطرد خارجها من العادم كحرارة، هذا بالضبط هو جسم الإنسان أثناء التمرين”.
وشدد غوميز على ضروري أن يتخلص الجسم من هذه الحرارة، لأنه في حال عدم حدوث ذلك فإن درجة حرارة الجسم الداخلية سترتفع بشكل خطير، مما قد يؤدي إلى الإصابة بـ”فرط الحرارة” حيث تبدأ أنسجة الجسم بالتلف والفشل.
وأوضح غوميز التأثير السلبي والخطير لارتفاع الحرارة الداخلية على جسم الإنسان على الشكل التالي:
- عند 38.5 درجة مئوية: ينخفض الأداء ويشعر الإنسان بالتعب، وقد يصاب بالتشنجات.
- عند 40 درجة مئوية: تظهر أعراض مثل الارتباك، الدوار وخطر الانهيار.
- عند 42 درجة مئوية: تبدأ البروتينات بالتلف ويحدث فشل دماغي، تشنجات، سكتات ثم غيبوبة وقد ينتهي الأمر بالوفاة.
لماذا يحمّر الوجه بالتحديد؟
بسبب المجهود البدني الكبير المبذول في التمرين أو المباريات يزداد تدفق الدم في الجلد بمعدل 4 إلى 4 مرات، خاصة في الوجه والعنق للمساعدة في إخراج الحرارة.
ويؤكد غوميز أن هذه الظاهرة ليست ضارة، بل تكيف طبيعي يجعل جسم الإنسان أكثر كفاءة في التخلص من الحرارة الزائدة.
ويعد الأشخاص الذين يتعرقون بشكل أكبر هم الأكثر قدرة على التحمل في التمارين القاسية على اعتبار أن ذلك يمنع ارتفاع حرارة الجسم وبالتالي يتأخر شعورهم بالتعب.
لماذا يحدث ذلك مع بيدري؟
وبحسب غوميز، فإن هذه الظاهرة تكون في الأغلب أكثر وضوحا عند اللاعبين من ذوي البشرة الفاتحة ممن لديهم كثافة في الشعيرات الدموية السطحية، وهو ما قد ينطبق على بيدري، خاصة أنه شخص رياضي، مما يعني أنه يمتلك قدرة أكبر على إنتاج الحرارة وتبديدها بكفاءة أعلى.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن إغفال الجانب الوراثي، إذ تتأثر بعض أنواع الجلد الفاتح التي تُظهر توسع الشعيرات بسهولة، بالإضافة إلى عوامل جينية تؤثر في الاستجابة الحرارية للجسم.
عوامل أخرى تزيد احمرار الوجه:
- الطقس الحار: كلما ارتفعت درجة حرارة الطقس زادت صعوبة التخلص من الحرارة داخل الجسم.
- الرطوبة العالية كونها تمنع تبخر العرق.
- الجفاف، فالجسم لا يفرز العرق بشكل جيد بدون شرب ماء كاف.
- الملابس غير المناسبة، فهي لا تسمح بخروج العرق أو الحرارة.
- الجهد الشديد: يرفع الحرارة الداخلية ويحتاج الجسم لتبديدها.
- ردة فعل عصبية مفرطة بسبب الضغوط النفسية.