حماة- احتفل مسيحيو حماة، أمس الجمعة، مع المسيحيين حول العالم في “الجمعة العظيمة” أو “جمعة الآلام” كما يطلقون عليها، للمرة الأولى بعد سقوط نظام بشار الأسد، وأقاموا شعائر دينية وجُنّاز، وسط حضور الجميع وأجواء من الفرح لم يعرفوها منذ سنوات، كما يقول الأهالي في حي المدينة ذي الأغلبية المسيحية في مدينة حماة.
ورصدت “الجزيرة نت” الاحتفالات والشعائر الدينية -التي أقيمت مساء- في كاتدرائية جاورجيوس للروم الأرثوذكس في حماة، وشارك شباب وشابات مسيحيون في مسير “زياح الجناز” على أنغام فرقة المراسم، وسط حشود من الأهالي والمصلين.
وأعرب داني وسوف، من أسرة التعليم الديني، عن شعور الأهالي بفرحة أكبر وأمان أكثر، بسبب انتشار جهاز الأمن الداخلي وتأمينه الأوضاع لممارسة الطقوس بحرية.
فرحة وشعور بالأمان
من جهته، هنأ مطران حماة وتوابعها للروم الأرثوذكس نيقولاس بعلبكي، الحضور باحتفالهم بمناسبة “الأسبوع العظيم المقدّس” و”عيد القيامة العظيم”، وقال “الصلوات قائمة في كنيستنا، نصلي ونحتفل في هذه الأيام ونقيم المراسم الدينية بهذه المناسبة العظيمة، ونشكر ربنا الذي أراد أن نكون في هذا البلد، ونعبّر عن إيماننا في محبتنا وتعاوننا مع بعضنا”.
وأضاف للجزيرة نت “أمورنا كنسية دينية، تعبيرا عن الإيمان، ونحن موجودون في سوريا التي نفخر بالانتماء لها، وبلدنا الذي نصلّي من أجل السلام فيه، وأن تستقر وتنعم جميع أفرادها بالسلام والأمان، نعبّر عن هذا الإيمان بالمحبة، من مئات وآلاف السنين كنا في هذه الأرض”.

وتابع المطران بعلبكي أن رسالتهم هي العمل مع بعضهم ليؤمّنوا للأجيال القادمة بلدا يفتخر أبناؤه بالانتساب إليه. وقدَّم معايدته لجميع “الإخوة” في سوريا، متمنيا في هذه “الظروف الجديدة” التي يعيشونها ويفرحون بها بسلام “كل الخير للبلاد وأن يبقى قدوة في المحبة والعطاء”.
أما أيهم شمّة، مسؤول فرقة المراسم، فقال إنهم يحتفلون بجنّاز “السيد المسيح”، ويقيمون الأعياد ويمارسون الطقوس في “سوريا الجديدة بحرية تامة وفرح، وللمرة الأولى بعد سقوط نظام الأسد”.
والشعور ذاته رافق وائل دوفش من أهالي حي المدينة في حماة، وقال “اليوم نمارس الطقوس ولأول مرة بهذه الطريقة بعد سقوط النظام البائد، شعرنا اليوم بالعيد الحقيقي، والأريحية الكاملة، وفرحتنا كبيرة، والعيد لجميع السوريين، ليس فقط للمسيحين، ونشكر جهاز الأمن الداخلي وتجاوبهم وحرصهم على الحي”.

“بعد التحرير”
ويقول رائد صبّاغ، مواطن آخر من الحي نفسه، “نحتفل اليوم أول مرة بعيد القيامة بعد سقوط الأسد، أمَّنت قوات الأمن والشرطة بأقسامها المختلفة الحماية بشكل جيد وجميل، ومورست الشعائر الدينية ببساطة وحرية، وأفضل من السابق بألف مرة”.
وبعد التحرير، يقول يعقوب دبج، رجل ستيني من حي المدينة، إنهم “يعيشون حياة طبيعية وواقعا أفضل من السابق، وأن الأمور تتجه للأفضل اقتصاديا واجتماعيا”.
وتحدث دبج للجزيرة نت من داخل الكاتدرائية، وقال إنهم بعد التحرير شعروا أنفسهم يسيرون في الطريق الصحيح، ومارسوا طقوسهم بحرية.

وعبّرت خلود حداد، إحدى نساء حي المدينة، عن فرحتها باحتفال عيد الجمعة العظيمة واستقبال عيد الفصح بعد يومين، مؤكدة أن الاحتفال كان “رائعا ومليئا بالسعادة والاطمئنان”.
وأشارت إلى أن الأمان الذي يوفره النظام الحالي ساهم في ممارسة الطقوس بحرية أكبر، بعد فترة من الخوف كانت تسيطر على الاحتفالات في الماضي. وقالت “اليوم السعادة تغمرنا، بالشعور بالأمان والاستقرار، ونمارس الطقوس بأريحية أكبر، وبدا ذلك في وجوه الجميع”.
وما يميّز هذا العيد عن سابقه بحسب خلود، وجود المغتربين الذين استطاعوا الحضور والاحتفال بعد غياب 14 عاما عن البلاد، مما أضاف للعيد بهجة مختلفة عن الأعوام السابقة.
وينتظر مسيحيو حماة إقامة شعائرهم الدينية في عيد الفصح، غدا الأحد، وسط حماية مستمرة من جهاز الأمن الداخلي للحي، لضمان ممارسات طقوسهم وفرحتهم في بيئة آمنة ومستقرة.