في مشهد يختصر معاناة المرضى في غزة، يُنقل محمد عطية، مريض الفشل الكلوي، على كرسي متحرك يدفعه ابنه بين أنقاض الشوارع المدمّرة، متوجّهًا إلى مستشفى الشفاء في حي الرمال شمال المدينة.
عطية، الأب لستة أطفال، لا يتلقى سوى جلستين أسبوعيًا من الغسيل الكلوي، كل واحدة منها تدوم ما بين ساعتين وثلاث، لكنها بالكاد تبقيه على قيد الحياة.
وهو واحد من بين أكثر من 680 مريض فشل كلوي في قطاع غزة تدهورت حالتهم الصحية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر 2023.
ووفق الدكتور غازي اليازجي، رئيس قسم الكلى والغسيل الكلوي في مستشفى الشفاء، اضطرت المستشفيات لتقليص عدد جلسات الغسيل إلى جلستين فقط أسبوعيًا، بعد أن كانت ثلاثاً أو أربعاً قبل الحرب. وقال: “هذا يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل تراكم السموم والسوائل في الجسم، وقد يفضي إلى الوفاة”.
ومنذ بداية الحرب، هُجّر عطية أكثر من ست مرات، بعد أن اضطر للفرار من قريته “أم النصر” قرب بيت حانون شمال القطاع. وهو يعيش حاليًا في مأوى مؤقت، ويصف معاناته قائلاً: “أعاني منذ وقت طويل، لا توجد وسائل نقل، الطرق مدمرة، الحياة صعبة ومكلفة، وحتى المواصلات نادرة وباهظة الثمن إن وُجدت”.
ويضيف: “خلال الحرب، نُجبر على إجراء جلسة غسيل كلوي لمدة ساعتين فقط، وأحيانًا ساعة ونصف… فقط ما يبقينا على قيد الحياة حتى موعد الجلسة التالية”.
ويحتاج مرضى الفشل الكلوي إلى شرب مياه معدنية نقية، لكنها أصبحت شبه معدومة في غزة أو خارج القدرة الشرائية بسبب ارتفاع أسعارها.
وتقول فاطمة رضوان، وهي مريضة أخرى: “نُكافح لنصل إلى المستشفى، ونكافح أيضًا للحصول على مياه نظيفة ومعقمة”. وتتابع: “لا شيء متاح لنا كمرضى غسيل الكلى، من طعام وشراب وخضروات وفواكه… لا نجد ما يخفف معاناتنا”.
وقد دمّرت الحرب البنية الصحية في غزة، حيث باتت المستشفيات عاجزة عن استيعاب العدد المتزايد من الجرحى في ظل نقص حاد في المستلزمات الطبية. وعشرات المستشفيات إمّا أصبحت خارج الخدمة أو تعرضت لأضرار كبيرة، بسبب الغارات الإسرائيلية المستمرة. وقد خلّفت العمليات العسكرية الإسرائيلية أكثر من 51,000 قتيل فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.